السبت: 16/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

رحلة جوية "غير عادية" من "تل أبيب" إلى "أبو ظبي"

نشر بتاريخ: 02/03/2019 ( آخر تحديث: 02/03/2019 الساعة: 08:19 )
رحلة جوية "غير عادية" من "تل أبيب" إلى "أبو ظبي"
ليست المرة الأولى التي تحطّ فيها طائرة تجارية في الإمارات العربية قادمة من تل أبيب، لكن الرحلات الجوية المُعلَنة غالباً ما كانت تتمّ بشكلٍ غير مباشر فتتوقّف في الأردن غالباً، قبل أن تنطلق مجدّداً نحو وجهتها النهائية.
لكن بدءاً من شهر كانون أول ديسمبر من العام 2018، بدأت هذه الرحلات تتّخذ مساراً مباشراً، بعد أن انتقل رئيس حزب العمل الإسرائيلي "آفي غباي" عبر طائرة تجارية صغيرة من "بن غوريون" في "تل أبيب" إلى مطار "أبو ظبي" الدولي.
"الميادين نت" تتبّعت مسار الرحلات الإسرائيلية المباشرة، وخاصة أنّ هناك سعياً لتوفير الوقت قدر الإمكان في نقل "الضيوف" الدبلوماسيين والأمنيين.
في السابع والعشرين من شهر شباط/فبراير 2019، انطلقت طائرة تجارية من طراز Bombardier Challenger 604 عند الساعة الخامسة والنصف فجراً من مطار "بن غوريون"، واتّجهت غرباً نحو ساحل البحر المتوسّط للتمويه، قبل أن تلتفّ بحدّة شرقاً فوق مستوطنة "كريات ميخا" وصولاً حتى مستوطنة "بروخين" المُقامة على أراضي بلدتي "كفر الديك" و "بروقين" غرب "سلفيت".
بعد ثوانٍ قليلة عادت الطائرة لتحلّق باتجاه البحر الميت مُحلّقة على طول الحدود مع الأردن وصولاً حتى خليج العقبة حيث حلّقت فوق "إيلات" وكأنها تتجه في رحلة أخرى اعتيادية نحو "شرم الشيخ"، حيث هبط الربّان إلى علو منخفض ليوحي بأنه سيهبط في المنطقة السياحية. لكن الطائرة عادت وانعطفت بحدّة قبل وصولها إلى "شرم الشيخ" واتّجهت شرقاً مُخترقة الأجواء السعودية فوق منطقة واقعة جنوب مدينة "مقنا" جنوب "تبوك"، ومرّت تباعاً بالقرب من "قيال"، "الخريبة"، "الشرمة" في مسار مستقيم وصولاً حتى "العلا" شمال المدينة المنوّرة والتابعة إدارياً لها، حيث انحرفت قليلاً متّجهة نحو "أبو شويحات"،فـ"ضليع رشيد"، "دخنة"، "أوضاخ"، ثم بمُحاذاة "ضرما" القريبة من العاصمة "الرياض" جنوباً، ثم اتّجهت فوق "المزاحمية" وحتى "الدلم" ثم انعطفت جنوباً فوق "خفس دغرة"، فـ"عين السيح"، واستمرت في مسارها حتى الحدود السعودية مع الإمارات، فدخلتها جنوب "حميم" في الصحراء وللمرة الثالثة بدت أنها تتّجه نحو المياه، الخليج تحديداً، قبل أن تنعطف شمالاً فوق "زعبة" الإماراتية فـ"الخزنة" لتحطّ أخيراً في مطار "أبو ظبي" تمام الساعة السادسة وثمانية عشرة دقيقة من بعد ظهر اليوم نفسه. أي أن الرحلة استغرقت ما يُقارب الإثنتي عشرة ساعة.
الفيديو التالي يُظهر المسار العام للطائرة من نقطة الإنطلاق وحتى الهبوط.
المسار الذي اتّخذته الطائرة الصغيرة يؤكّد أنها تقصّدت تمويه رحلتها، إذ أنّ الربّان تعمدّ ما لا يقلّ عن 3 مرات إلى التحليق بإتجاهات مُعاكسة تماماً للوجهة النهائية، خاصة وأن برنامج الرحلات الجوية في الأجواء التي تسلكها الطائرات التي تقلع من "إسرائيل" لم يكن مزدحماً أبداً في ذلك الوقت، بل لم يكن هناك سوى تلك الطائرة طوال المسار الجوي.
وبعد مكوثها في مطار "أبو ظبي" الدولي لمدّة ثمانية عشرة ساعة تقريباً، عادت الطائرة وانطلقت تمام الساعة الواحدة واثنتي عشرة دقيقة باتجاه الأراضي المحتلة، من دون أن يتضّح ما إذا سلكت المسار نفسه، لكن المؤكد أنها هبطت لبضع دقائق في "شرم الشيخ" أثناء عودتها.
وهنا تسجّل الملاحظات التالية على الرحلة عموماً:
- مَن كان على متن الطائرة التي اضطرّت لسلوك مسار يستغرق نصف يوم، في حين أن الرحلات العلنية التي تمرّ إلى الدول العربية عبر الأردن عادة تستغرق ست ساعات وخمس وخمسين دقيقة! علماً أن هناك ثلاث رحلات أسبوعياً تنطلق من مطار "بن غوريون" نحو الأردن قبل أن تغادر نحو وجهات مختلفة. وقد تمّ استخدامها مراراً لنقل شخصيات سياسية وعسكرية وأمنية إلى الدول العربية.
- ما هي مهمّة الطائرة حتى تضطر للإلتفاف مراراً عِلماً أن المسار الجوي المباشر بين مطاري الإنطلاق والهبوط يستغرق ساعتين وأربعين دقيقة بالتمام إذا تمّ الإعلان عن خط جوي مباشر. ولماذا اتّخذ الربّان خطوات عديدة لإخفاء وجهته في الذهاب والإياب.
- لماذا سلكت الطائرة مناطق غير مأهولة في معظم مسارها الطويل في الأراضي السعودية.
- لماذا لم تظهر رحلة الطائرة على العديد من الخرائط الجوية المدنية المتوافرة أمام الجمهور وهواة الطيران في العالم؟
- إن نوع الطائرة "الكندية" الصنع مُخصّص بإمتياز للشخصيات الهامّة من حيث الشكل الخارجي والداخلي ولناحية توزّع مقاعدها الفخمة واحتوائها طاولة اجتماعات أو ما يشبه "الديوان" الصغير. كما أن طرازها الحديث يتميّز بتقنياتها العالية وقدرتها الأكبر على حمل سعة قياسية من الوقود تكفيها لرحلات طويلة. وتتّسع الطائرة لسبعة ركاب، وهي من الخيارات المفضّلة لدول "كرواتيا"، "تشيكيا" ولهيئات أمنية وسياسية داخل الولايات المتحدة الأميركية، كما أنها مَثار "فخر" لشركة خطوط جوية خاصة في "رأس الخيمة" في الإمارات.
إن جميع هذه المُعطيات تنحو بإتجاه الجَزْم بأن تلك الرحلة لم تكن "عادية" وهي بجميع الأحوال ليست مُشابهة لرحلات سابقة تمّ الكشف عنها تباعاً في الأشهر القليلة الماضية.-"الميادين نت"