الفريق الأهلي يوصي بضرورة اتباع سياسة تقشفية جدية
نشر بتاريخ: 16/03/2019 ( آخر تحديث: 16/03/2019 الساعة: 23:24 )
رام الله- معا- في سياق الهجمة التي يمارسها الاحتلال، وقراره الرامي إلى حجز وتجميد ما قيمته 502 مليون شيكل من إيرادات المقاصة، بذريعة أنها قيمة الأموال التي خصصتها السلطة الفلسطينية لأُسر الشهداء والجرحى والأسرى في العام 2018، وانتهاكه للقوانين والاتفاقيات الدولية الموقعة؛ عقد الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العامة جلسة هدفت إلى البحث في أثر وتداعيات القرار الجائر، والخروج بتوصيات للتصدي له ومجابهته دون المساس في حقوق المواطنين والخدمات المقدمة لهم.
حضر الجلسة مجموعة من الخبراء والأكاديميين في الاقتصاد، وممثلين عن المجتمع المدني، الذين أكدوا على ضرورة اتخاذ قرارات لمعالجة الأزمة على المدى الطويل، معتبرين أن الأزمة الحالية ليست وليدة اللحظة وإنما مقدمة لأزمة أكبر، وهي متكررة بين الفينة والأخرى، ورهن أهواء الاحتلال، الذي يستخدم أموال المقاصة كورقة ضغط على السلطة الفلسطينية، ما يستدعي رؤية استراتيجية ثاقبة في التعامل مع الموضوع، مشددين على عدم مقايضة المكاسب الاقتصادية بالحقوق الفلسطينية والثواب الوطنية، والتوجه نحو التقشف والترشيد بشكل جدي، والعمل نحو تخفيض بند صافي الإقراض، ومحاربة ظاهرة التهرب الضريبي، والالتزام بقرارات المجلس الوطني بشأن إعادة النظر في بروتكول باريس، والعلاقة مع الجانب الإسرائيلي.
وأجمع المشاركون أن الأزمة الراهنة تتطلب التخطيط لمواجهتها، واتخاذ خطوات تساهم في إدارتها على المدى القصير، عن طريق إعادة النظر في توزيع كافة الموازنات، وتخفيض الإنفاق على القطاع الأمني الذي يستحوذ على نصيب الأسد من الموازنة العامة، والمضي نحو التقشف والترشيد ضمن المجالات وبالاستناد إلى التوصيات التي جاءت في تقرير مجالات الترشيد والتقشف في الإنفاق الحكومي الذي أصدره الفريق الاهلي لدعم شفافية الموازنة العامة قبل حوالي عامين، والتي ستوفر حسب تقديرات الدكتور نصر عبد الكريم ما يقارب 300 مليون دولار، إذا ما تم اتباع الممارسات الفضلى في ذلك، والعمل أيضا على وقف كافة النفقات الترفية، وشد الأحزمة، إضافة إلى وضع خطة ممنهجة لمحاربة ظاهرة التهرب الضريبي، والتي يقدر حجمها بأكثر من نصف مليار دولار. كما أكد المشاركون على ضرورة معالجة صافي الإقراض والذي يستنزف سنويا أكثر من مليار شيكل.
305 مليون دولار قيمة التسرب المالي نتيجة الاستيراد من خلال وكلاء اسرائيليين
وقد وضّح الباحث فراس جابر من مؤسسة المرصد للسياسات الاجتماعية والاقتصادية، أثر بروتكول باريس في تقويضه وسيطرته على الاقتصاد الفلسطيني، وتحكمه الدائم في مفاتيح المقاصة، حيث أظهر أن حوالي 25% من إيرادات ضريبة الدخل للعاملين الرسميين في إسرائيل والتي لا يتم تحويلها، في حين أشار إلى مليارات الدولارات التي يتم احتجازها من قبل الاحتلال، على مدار خمسين عاما، بدون أي مبررات. كما أظهر الباحث أن قيمة التسرب المالي حوالي 305 مليون دولار نتيجة الاستيراد من خلال الوكلاء الإسرائيليين حسب تقرير الانوكتاد. وأجمل الباحث أنه لا بد من إيجاد الحلول لتخفيض قيمة أموال المقاصة، ونسبتها في تمويل الموازنة، من خلال تعزيز الاستيراد من الدول المجاورة (مصر، الأردن) الأمر الذي سيؤدي الى انخفاض في قيمة الخسائر المتأتية بسبب التسرب المالي، علاوة على العمل على تعزيز القطاعات الإنتاجية المحلية وتخفيض الاعتماد على المنتجات المستوردة، إضافة الى إعادة النظر في بروتكول باريس.
الأزمة الراهنة عرضية وهي مقدمة لأزمة اشمل
وافتتح الجلسة الدكتور نصر عبد الكريم معبرا أن الأزمة الراهنة هي عرضية لأزمة أشمل، وتحد أعلى، مشيرا أن قرصنة الاحتلال والإجراءات التي تتبعها الحكومة لمعالجة الأزمة هي قرارات تمس حياة المواطنين، ويعتقد عبد الكريم بأننا نستطيع السيطرة على الأزمة الراهنة، الا أن الإشكالية تتمثل في وجود خطط استراتيجية لمواجهة التحدي الأشمل، وتغيير مسار العلاقة مع الجانب الإسرائيلي. كما اعتبر الدكتور نصر بأن هذه الأزمة هي أزمة متعلقة بتوافر السيولة النقدية، وأن هناك إشكالية أكبر متمثلة في إدارة المال العام، والعجز المزمن، والذي يستوجب الوقوف والعمل على إدارته.
في حين أكد الدكتور واصل أبو يوسف، المتحدث باسم القوى الوطنية والإسلامية بأن قرار الاحتلال بسرقة أموال الشعب الفلسطيني، جاء تبعا لسلسلة قرارات أمريكية لتمرير صفقة القرن والتي لا بد من مجابهتها بتكاثف الجهود الفلسطينية كافة، وإعلان لمقاطعة بضائع الاحتلال.
إدارة الأزمة تحتاج الى خطوات مدروسة من قبل الحكومة
في حين أثار بعض الباحثين والخبراء الاقتصاديين مدى جدية القرار المتخذ من قبل الحكومة حول رفض استلام أموال المقاصة، متسائلين إذا ما كانت هذه الخطوة ضمن خطط مدروسة لإدارة الأزمة الراهنة وحول مدى قدرة المواطنين على تحمل أعباء هذه الخطوة، يتحديدا في القرارات المتخذة بشأن تحويل ما قيمته 50% فقط من الراتب للفئة ذات الدخل المتراوح بين 2000-10000 شيقل، بمعنى أن هذا القرار سيؤثر حتما على القدرة الشرائية والواقع الاقتصادي للموظفين، مع العلم بأن هناك أكثر من 100 ألف موظف يعملون في القطاع الحكومي والمدني والأمني.