الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

لكن ماذا تفعل إسرائيل بالمساجد بقلم: ماجد عزام

نشر بتاريخ: 18/10/2005 ( آخر تحديث: 18/10/2005 الساعة: 10:12 )
معا- "فخ نصب لنا"... هكذا وصف مسؤولو السلطة الفلسطينية القرار الإسرائيلي بعدم هدم الكنس في مستوطنات قطاع غزة و رغم أن هذا المصطلح- الفخ- ورد بكثرة و بكثافة على لسان المسؤولين الفلسطينيين من مختلف الاتجاهات و المشارب السياسية إلا انه لا أحد تحرك في الحقيقة للتعاطي بحذر و دقة و مسؤولية مع هذا الفخ و رغم اتفاق الساحة السياسية الفلسطينية على اعتبار الكنس كأثر من آثار الاحتلال التي يجب إزالتها إلا أن هذا الأمر لم يترجم أو يعبر عنه من خلال خطة إعلامية و سياسية متكاملة تضمن عدم الوقوع في الفخ الإسرائيلي .

لم تشن السلطة حملة سياسية و دبلوماسية و إعلامية لتبرير و تفسير هدم الكنس و لم تتخذ الاحتياطات اللازمة لكي يتم هذا الأمر بالطرق و التوقيت و الآليات المناسبة و لم يتم التركيز الكامل على قرار المحكمة العليا الإسرائيلية الموافق على هدم الكنس و لا على قرار الحاخامية العبرية برفع القداسة عن الكنس بعد نقل الكتب و التجهيزات المقدسة و المخصصة للصلاة منها و بالتالي تحولها إلى مجرد هياكل إسمنتية فارغة من أي محتوى عقائدي.

و بالرغم من كل ذلك و الطريقة الفلسطينية المحبطة التي تم التعامل بها مع القضية فان إسرائيل يجب ان تكون الطرف الأخير الذي يلوم الفلسطينيين أو يوجه النقد لهم على ما فعلوه بالكنس التي مثلت لهم رمزا لـ 38 عاما من المعاناة والاحتلال و الظلم و كما يقول المثل العامي اللي بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحجارة ، و قياسا الى ما فعلته و تفعله إسرائيل بالمساجد و الآثار الإسلامية في الأراضي المحتلة عام 1948 لا يحق لها حتى اتهام الفلسطينيين او التباهي بالفروق الحضارية و الثقافية -همج متطرفين -هكذا علق سلفان شالوم على هدم الكنس و إحراقها من قبل الفلسطينيين .

الكاتب في صحيفة هآرتس ميرون بنفنست استعرض ما فعلته إسرائيل بالمساجد منذ تأسيسها و حتى الآن و خلص إلى نتائج يجب أن يندى لها بالتأكيد جبين سلفان شالوم و باقي المسؤولين و تلك النتائج يمكن تلخيصها على النحو التالي :
_100 مسجد دمرت في العام 1948 من أصل 140 أما المساجد المبقية فهي في حالة متقدمة من الانهيار و الإهمال أو تستخدم من قبل الإسرائيليين لأهداف أخرى تنال من قداستها و حرمتها ،فمثلا في كيوبتس يقع في جبال الكرمل ينتصب مسجد ذو آثار راقية إلا أنه مهمل و جدرانه آيلة إلى السقوط و محاط بأسلاك شائكة اما طلبات الحاضرين الغائبين بحسب القانون الإسرائيلي لترميمه فقد رفضت لان القانون يعتبرهم غائبين رغم وجودهم على بعد عشرات الأمتار فقط من اماكن عبادتهم.

_ مسجد كبير اخر في قلب تجمع يهودي قريب من الكيوبتس السابق يستخدم كمخزن للجرارات الزراعية و مثل هذين المسجدين يوجد 20 آخرين على وشك السقوط .

_في العام 1997 توجه السكان اليهود في أحد التجمعات في الجليل تحت جنح الظلام لتدمير بقايا مسجد القرية المهجورة المجاورة و استخدام المكان لأغراض خاصة ،و على مسافة غير بعيدة من ذلك ترفض السلطات الإسرائيلية السماح بالصلاة في مسجد قرية مهجورة أخرى بذريعة ان ذلك تجمع سياسي و سابقة للموافقة على عودة اللاجئين .

الكاتب في هائرتس يورد أمثلة أخرى لمساجد تستعمل للسكن أو لأغراض أخرى تجارية و ثقافية فمثلا مسجد قرية مهجورة في أطراف ناحال عيريون يستخدم كمنجرة لكيوبتس هشومير هتسعير ،مسجد في قرية أمانيم التعاونية في الكرمل يستخدم ك(بار)و مطعم، و مساجد أخرى تستخدم كمتاحف و صالات عرض فنية ،أما الكنيس الكبير في بلدة بجانب رحوقوت فمقام على بقايا المسجد المدمر الذي هدمت ماذنته و تم استبدال الهلال بمصباح .

مبرون بنفتست ينهي مقاله الى ان المعطيات و الاحصائيات السابقة لا تشمل قبور الصالحبن التي تم تحويلها زورا و بهتانا الى قبور مقدسة لليهود مثل قبر دان حل محل ضريح الشيخ غريب أو قبر الست سكينة في طبرية الذي تحول بصورة عجيبة -حسب تعبير الكاتب الى قبر راحيل زوجة الحاخام عكيفار ، و عمليا فاقل من 40 مقبرة إسلامية بقيت من مجموع 150 كانت في القرى المهجورة و هي أيضا مهملة و في دائرة الخطوط الدائمة و الاعتداءات و المصادرات و في نفس السياق أرسل المسؤول في مؤسسة الأقصر سلمي حلمي رسالة الى صحيفة هآرتس تتضمن قائمتين لمساجد الأولى تضم 34 اسما لمساجد تم تغيير طابعها و أغلبيتها تم تحويلها الى كنس أو متاحف و مساكن و مخازن و اثنين على الأقل تحولا الى مقاهي واوحد تحول الى اسطبل.
أما القائمة الثانية و التي وصفت بالجزئية فتضم 39 اسما لمساجد متروكة و مهجورة لا سبيل للوصول إليها أو ترميمها.

الباحث في هائرتس ميرون ربوبرت قام بجولة ميدانية للتأكد قوائم سامي حلمي و تأكد أنها صحيحة جدا و لكنها جزئية جدا أيضا.
الباحث ربوبرت أشار إلى أن محاولته للحصول على معلومات إسرائيلية رسمية و موثقة عن المساجد و الآثار الإسلامية ذهبت أدراج الرياح بعدما تم تحويله من ديوان ر رئيس الوزراء إلى وزارة الداخلية الى وزارة السياحة ثم إلى ديوان رئيس الوزراء مرة أخرى دون أن يتمكن من الحصول على شيء جدي ينفعه في مقابل قوائم سامي حلمي ما اضطره للاعتماد على نفسه و الخروج بما يلي :

_قائمة حلمي هي جزئية بالفعل اثنان من اللذين ذكرا في قائمته في منطقة الوسط تحولا الى كنس يالفعل ،و مكانان اخران من تل ابيب لم يظهرا في قائمة حلمي الأول استخدم كنادي شبابي و مؤخرا كأسطبل للجياد الى أن تركه أما الثاني فيستخدم ككنيس.
_ مسجد يستخدم ككنيس لأتباع حركة شاس بعدما تم هدم المئذنة طبعا .

_مسجد قرية نيروز على الطريق بين تل أبيب و القدس تحول الى كنيس ابواب صهيون رغم ان بعض القبب الموجودة على السطح تظهر طرازا مملوكيا كذلك الذي يظهر في مساجد البلدة القديمة في القدس المحتلة .

_مسجد سلمة-حي كفار شليم - الأن و القريب من تل أبيب تحول الى نادي رياضي ثم إلى إسطبل و هو الآن فارغ خاوي و كل المحاولات لاستعادته فشلت حيث تسعى البلدية الى تحويل كل المنطقة الى منتزه كبير و تدمير منازل القرية المتبقية و الابقاء على المسجد في المنتصف كأثر معماري فقط .

الحقائق السابقة تكشف الازدواجية و النفاق الإسرائيلي تجاه هدم الفلسطينيين لبقايا الكنس في مستوطنات قطاع غزة رغم التحفظات على الشكل و الأسلوب الذي اتبع و الذي كان وقوعا في الفخ الإسرائيلي رغم كل التبريريات و الحيثيات التي تدعو إلى هدم المباني و لكن ليس تحت ضغط اللحظة و بعد استنفاذ الأساليب السياسية و الدبلوماسية مع المجتمع الدولي .

*مدير مكتب شرق المتوسط للخدمات الصحفية والإعلامية _ بيروت