الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

سعد: سوق العمل الإسرائيلي تحول لمكان للقتل بالنسبة للعمال

نشر بتاريخ: 16/04/2019 ( آخر تحديث: 16/04/2019 الساعة: 09:39 )
سعد: سوق العمل الإسرائيلي تحول لمكان للقتل بالنسبة للعمال
القاهرة- معا- شارك الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، بوفد نقابي ترأسه الأمين العام شاهر سعد، في أعمال الدورة السادسة والأربعون من دورات مؤتمر العمل العربي المنعقدة في العاصمة المصرية القاهرة، ويشارك فيها العديد من قادة النقابات العمالية و وزراء العمل العرب وممثلون عن أطراف الانتاج الثلاث من فلسطين والوطن العربي.
إلى ذلك ألقى شاهر سعد كلمة شاملة باسم الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، استعرض فيها مقاطع مهمة من المشهد السياسي والاجتماعي والاقتصادي الفلسطيني، أثنى في مستهلها على جهود فايز المطيري مدير عام منظمة العمل العربية التي بذلها خلال السنوات الأربعة الماضية في تحديث وتطوير آليات عمل المنظمة، التي حرص خلالها على تقديم كل عون ودعم ممكن لأطراف الإنتاج في الدول العربية الشقيقة، وتنفيذ خطط العمل السنوية التي راعت بدورها التوزيع الجغرافي للأنشطة والفعاليات، ما أسهم في وضع اللبنة الأولى لمسار التمويل الذاتي الفعال لدعم وتنفيذ رؤية المنظمة.
كما أثنى سعد في كلمته على ما جاء في تقرير المدير العام سيما تناوله الثاقب لمشكلات مستقبل العمل وعلاقاته ومتطلبات التنمية المستدامة، والتقاطعات القائمة بين مستقبل سوق العمل وواقع القوى العاملة والتشريعات الناظمة لها، ودور الشراكة الحقيقية بين أطراف الإنتاج، للوصول إلى علاقات عمل مستدامة في منطقتنا العربية، تساهم في تحقيق الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية لخطط التنمية بشكل متكامل ومتوازن.
وأكد على ما جاء في تقرير المدير العام للمنظمة حول (أن التنمية الشاملة بأبعادها المختلفة هي طوق النجاة لوطننا العربي لانتشاله من التداعيات التي حاقت ببعض دوله).
كما شكر المسؤول الفلسطيني فايز المطيري لتأكيده على أن فلسطين هي خط الدفاع الأول للأمة العربية، مثمناً دعوته من جديد للتمسك بالهوية العربية للقدس المحتلة عاصمة فلسطين الأبدية، متعهداً نيابة عن جميع الحاضرين بعدم السماح بأي إجراءات تتخذ لفرض سياسة الأمر الواقع على مدينة القدس أو مرتفعات الجولان السورية، أو أياً من الأراضي العربية المحتلة.
واستكمل سعد حديثه بالقول: جئتكم من فلسطين الجريحة، حيث يعمق الاحتلال الإسرائيلي يومياً من صعوبات الحياة أمام شعبنا سيما عماله وعاملاته، في ضوء تفاعل المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالمنطقة العربية، بسبب السياسات الإسرائيلية والأمريكية التي تخلت عن السلام واعتنقت العنف والعدوان على حقوق الآخرين لخدمة مصالح إسرائيل، وهي التي بدأت بمصادرة أموال الجمارك والضرائب الفلسطينية.
السطو الإسرائيلي على عائدات الضرائب الفلسطينية

حيث باشرت الحكومة الإسرائيلية بخصم أموال الضرائب والجمارك، التي تجبيها نيابة عن الحكومة الفلسطينية عملاً بالاتفاقيات الاقتصادية الموقعة بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، بذريعة أن هذه المبالغ تدفع لعائلات الشهداء والأسرى؛ يعني ذلك إنها استحوذت على (502) مليون شيقل أي ما يوازي (139) مليون دولار، ومما لا شك فيه إنه سيكون لهذا الإجراء الظالم تبعات كبرى ليس أقلها زعزعة استقرار الشارع الفلسطيني بصفته المتضرر المباشر منها، لكنها لن تغير موقفه المبدئي من الشهداء والأسرى وعائلاتهم.
وقدم شرحا عن الاوضاع في الضفة:"
قمع الأسرى والتضيق عليهم
باشرت حكومة دولة الاحتلال الإسرائيلي عملية تضيق واسعة النطاق ضد الأسرى والأسيرات بدءاً من شهر آذار 2019م من خلال عمليات قمع متدرجة بدأت من معتقل النقب الصحراوي، بعد تركيب أجهزة تشويش على الأجهزة الخلوية التي يستخدمها الأسرى، حيث قامت قوّات القمع الإسرائيلية باستخدام الرصاص الحي والمطاطي والغاز الخانق في مواجهة الأسرى المجردين من أي سلاح.
وجاء هذا التمادي الإسرائيلي كمحصلة لعدم محاسبتها على جرائمها بحق الأسرى والأسيرات على مدار الخمسين عاماً الماضية.
ممارسات الاحتلال في مدينة القدس المحتلة
حيث تجاوزت تلك الممارسات ضد سكان القدس، وضد المقدسات الإسلامية والمسيحية كل حد، ومنها محاولات إغلاق بوابات المسجد الأقصى واقتحام ساحاته ومنع الوصول إليها، والاعتداء على العاملين والمصلين فيه، والحرص على التواجد الشرطي والعسكري الكبير في ساحاته بهدف فرض مخططات التقسيم التي ستجر المنطقة كلها لحرب دينية بغيضة.
وكما هو معلوم لديكم فإن هذه الإجراءات لا تشكل خرقًا لوضع المدينة المحتلة منذ عام 1967م فقط إنما تسهم في تمكين إسرائيل من بسط سيطرتها بالكامل لا سمح الله، مستغلة حالة التفكك العربي والهرولة المصاحبة له تجاه إسرائيل، الأمر الذي سيسرع ويشجع محاولات السيطرة على المدينة المقدسة، بما فيها المقدسات الدينية الإسلامية والمسيحية.
الهجوم على قطاع غزة
ومن الطبيعي أن تتوج هذه العنجهية المحمية بالدعم الأمريكي السافر بقيام إسرائيل بالهجوم على غزة بتاريخ 27 آذار 2019م، الذي يعاني أصلاً من أسوء أوضاع إقتصادية ومعيشية وإجتماعية عرفتها الإنسانية، بسبب الحصار الإسرائيلي والانقسام الفلسطيني الداخلي، ومنع دخول السلع والبضائع المختلفة ومنها مواد البناء التى تعتبر المحرك الرئيسي للعجلة الاقتصادية، وإنعدام القدرة الشرائية وإنخفاض الواردات بنسبة تجاوزت 26% خلال الربع الأول من عام 2019م.
وأضاف لقد أسهمت هذه الظروف في تعميق التدهور العام ما دفع بمعدلات البطالة إلى مشارف الــ 52% أي أن هناك أكثر من 400.000 متعطل عن العمل، 69% منهم من الفئة العمرية الوقعة بين (20-29) عاماً، بينما تجاوزت معدلات الفقر حاجز 53% وأن 68% من سكان قطاع غزة يفتقرون للأمن الغذائي؛ وأن هناك مليون شخص يعيشون على مساعدات الاونروا و المؤسسات الإغاثية الدولية والعربية العاملة في قطاع غزة.
تشريع الاحتلال الإسرائيلي للجولان السوري المحتل
واستكمالاً لما تقدم أعلن الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" عن تشريع السيطرة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان السورية المحتلة عام 1967م، ذلك الرئيس الذي أصبح متفرغاً بالكامل لدعم إسرائيل وتعميق عدوانها على شعبنا وأمتنا، وهو مدرك بأنه يهدد السلم العالمي ويتلاعب بميثاق الأمم المتحدة، متنكراً لقراراتها سيما القراران 242 و338 اللذان يدعوان إسرائيل إلى الانسحاب من الأراضي التي احتلتها كجزء من سلام عادل وشامل ودائم.
ما يعد مباشرة علنية وسافرة لتمزيق ميثاق الأمم المتحدة نفسه، وتحديداً المادة (2) المتعلقة بالحل السلمي للنزاعات الدبلوماسية ورفض التهديدات لأراضي الآخرين لسلامة الدول الأعضاء في مناطق النزاع حول العالم، وهي التي اعتمدتها الدبلوماسية الأمريكية للضغط على الدول الأخرى للتفاوض بدلاً من القتال وإنهاء الحروب؛ الأمر الذي قد يؤسس لعهد جديد من الاضطراب الكوني في العلاقات الدولية؛ ويفتح شهية العديد من الدول الطامعة بأراضي جيرانها والاستيلاء عليها بالقوة العسكرية، كما أن خطوته تلك هي بمثابة ضربة قوية لخطة السلام الأمريكية نفسها (صفقة القرن) المشئومة لأنها تقوض آفاق التعاون الإقليمي العربي الذي تنادي به تلك الخطة المظللة."
واستدرك "سعد" حديثه محذراً من أن قرار الرئيس ترامب يمهد الطريق لمنح كامل المنطقة (ج) والتي تشكل 60% من مساحة الضفة الغربية لإسرائيل، بعد أن اعترف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها، وأزاحها من على طاولة المفاوضات، وأغلق مكتب تمثيل منظمة التحرير في واشنطن، وقطع المساعدات الأمريكية المقدمة للمجتمع المدني الفلسطيني.
وتابع حديثه بالقول: وتأكيداً لذلك ها هي الحكومة الإسرائيلية تعلن بتاريخ 31 آذار 2019م، عن قرارها ببناء 1427 وحدة استيطانية جديدة، والترويج لــ 3500 وحدة أخرى في الضفة الغربية ما يعد مخالفة صارخة لقرار مجلس الأمن الأخير (2334) يعني ذلك، أن قرار ترامب سيكون له ما بعده من خطوات تدميرية ستنعكس بالسلب على كامل المنطقة العربية.
وأضاف "في ضوء ذلك من الطبيعي أن يتحول سوق العمل الإسرائيلي إلى مكاناً للقتل بالنسبة للعمال الفلسطينيين، بسبب تزايد حوادث العمل فيه؛ الناتجة عن تجاهل أرباب العمل الإسرائيليين للقانون الإسرائيلي، فيعملون دون رقابة كافية من قبل وزارة العمل الإسرائيلية، التي من الممكن أن تلزامهم بتوفير معدات ووسائل الصحة والسلامة المهنية للعمال العرب، ما يعد مخالفة للنظم العالمية حول معايير وشروط وظروف عمل العمال وتشغيلهم".
وذلك بسبب النقص الكبير في عدد مفتشي العمل المختصين في سوق العمل الإسرائيلي والفلسطيني على حد سواء؛ مقارنة بعديد المنشئات المطلوب زيارتها، حيث تبين لنا أن أي منشأة يمكن زيارتها مرة واحدة كل ثلاثة أعوام، وهذا كفيل بمنح التجاوزات ما تحتاجة من وقت وظروف لتتأصل وتصبح عصية على الاجتثاث، آخذين بعين الاعتبار أن 40% من ضحايا العمل، يعملون بشكل غير منظم في سوق العمل الإسرائيلي، وهم العمال الذين لم يحصلوا على تصاريح الدخول المسبقة، فأصبحوا ضحايا لسوق العمالة السوداء؛ الآخذة في الازدهار داخل الاقتصاد الإسرائيلي القائم على نهب مقدرات الآخرين وتشغيل العمالة بمعايير تنحدر لدرك السخرة والاستعباد.
مضاف لذلك قبول بعض المفتشين لرشى أرباب العمل لغض الطرف عن تجاوزاتهم بحق العمال، وهذه ظاهرة وجدنا أكثر من دليل يدل عليها في سوق العمل الإسرائيلي والفلسطيني على حد سواء؛ ما يفسر تعاظم إصابات العمل، حيث شهد الربع الأول من عام 2019م زيادة مقلقة في حوادث العمل القاتلة، وتوفى حتى نهاية شهر آذار 2019م (25) عاملاً، منهم عاملان من غير العرب، وثلاثة وعشرون عاملاً عربياً من سكان الداخل الفلسطيني المحتل والأراضي العربية الفلسطينية المحتلة التي تخضع للاحتلال العسكري الإسرائيلي منذ عام 1967م.
واختتم سعد كلمته بالقول "أمام هذه المعطيات المروعة عن ظروف عمال وعاملات فلسطين، نرى بأن منظمة العمل الدولية التي ترسل للأراضي العربية المحتلة سنوياً بعثة لتقصي أحوال وظروف العمال، آن لها أن تلبس توصياتها النظرية اللبوس القانونية التي تحولها لإجراءات تنفيذية ضد المحتل الإسرائيلي، تمهيداً لمساءلته عن جرائمه بحق عمالنا، وهي التي تتضمن كامل أركان الجرائم المنظمة ضد الإنسانية، أي علينا العمل لنقل تقرير لجنة تقصي الحقائق من طور التشخيص إلى طور الإدانة والمساءلة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وإطلاق أكبر منصة إدانة للسياسات الإسرائيلية، والعمل على نبذها وتعريتها في المحافل الدولية، وصولاً إلى موقف دولي جاد وفاعل لمساءلتها على انتهاكاتها الصارخة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وقرارات الشرعية الدولية برمتها لاتخاذ ما يلزم من إجراءات لدعم صندوق التشغيل الفلسطيني، لما له من دور في تخفيض معدلات الفقر وتوفير فرص عمل للشباب والشابات، من خلال توفير مشروعات صغيرة ومتوسطة لهم، تساعدهم في بناء مستقبلهم الخاص في ظل التحديات الجسام التي تعصف بالأراضي العربية الفلسطينية المحتلة.