الأربعاء: 20/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الرئيس عباس يدرس الاعلان عن انهيار " أنابوليس"

نشر بتاريخ: 16/03/2008 ( آخر تحديث: 16/03/2008 الساعة: 16:28 )
بيت لحم - معا- نقلت صحيفة المنار المقدسية على موقعها الالكتروني اليوم عن مصدر دبلوماسي وصفته بـ" رفيع المستوى" أن الرئيس محمود عباس أبلغ زعيما عربيا التقى به مؤخرا أنه يميل الى الاعلان وبوضوح عن رؤيته التشاؤمية لطريقة استمرار ومواصلة وسير عملية السلام بشكلها الحالي.

واضاف المصدر للصحيفة أن الرئيس عباس يرى بأن عملية انابوليس التي بدأت في الخريف الماضي ووافق الفلسطينيون على اساسها بالبدء في مفاوضات شاملة مع اسرائيل والتوصل الى اتفاق سلام عام 2008 تقترب الآن من نهايتها دون تحقيق أية نتائج على الأرض، بل بالعكس تماما، فقد أقدمت اسرائيل على الكثير من الخطوات أحادية الجانب التي تهدف الى تغيير الطابع القائم على الأرض ، وهذا من شانه ان يخلق واقعا جديدا يصعب الوصول الى اتفاق مقبول مع الجانب الفلسطيني في المرحلة القادمة.

واضاف المصدر أن الرئيس عباس لم يخف للزعيم العربي مخاوفه من انهيار مدو لعملية السلام التي انطلقت من أنابوليس يؤثر بشكل سلبي على الاستقرار في المنطقة.

وكان الكاتب الصحفي حسن البطل دعا الرئيس محمود عباس في عموده اليومي في صفحة الاراء بجريدة الايام التي يراس تحريرها اكرم هنية احد اكثر المستشارين قربا من الرئيس عباس الى ان يكشر ويستخدم لغة مباشرة في حديثه عن السياسات والاهداف الاسرائيلية.

وفي ما يلي النص الكامل للمقال الذي جاء تحت عنوان


آن للرئيس أن يكشّر!

كشيرة سياسية ثالثة للرئيس أبو مازن في هذا الآذار الناشف من الأمطار، رغم أنه في المأثور الشعبي (أبو الزلازل والأمطار).. إلاّ إن كانت سداسية الأيام الستة الغزية الدموية، وعمليات التصفية الإسرائيلية في الضفة، وعطاءات توسيع مستوطنات القدس، مقدمات زلزلة سياسية تعصف بروح أنابوليس والتزامات خارطة الطريق.

هل خرج رئيس السلطة عن جاري عادته، أم أحرجوه، إسرائيلياً وحمساوياً، فأخرجوه من الكلام الديبلوماسي إلى الخرمشة السياسية؟

نرجو رئيسنا مزيداً من التكشيرات السياسية، لأنّ فظاظة العسكر الاسرائيلي تواكبها فظاظة السياسة الاسرائيلية.. بحيث قد لا يتحمل أبو مازن مزيداً من "تربيتات الكتف" من السيد ايهود أولمرت.

سنبدأ بفظاظة الساسة الإسرائيليين، وليس من لسان نائب رئيس الوزراء حاييم رامون، صاحب القبلة اللسانية لضابطة ابان قرار حكومة أولمرت بإطلاق (حملة برية) لإنقاذ (الحملة الجوية) الفاشلة لحرب لبنان الثانية.

رئيسة الديبلوماسية الإسرائيلية، السيدة تسفي ليفني، بررت عطاءات توسيع مستوطنة (چفعات زئيف) خلال زيارتها لأميركا كالتالي: هذه عطاءات بموجب خطة قديمة تعود للعام 1996، وجرى تجميدها آنذاك لدواعٍ أمنية؟ كأنه لم تكن خلال 12 سنة ثلاث حكومات إسرائيلية: عمالية، وليكودية، ومختلطة.. أو لم تكن قمة كامب ديفيد 2000، أو لم تكن انتفاضة ثانية، أو لم تكن خارطة طريق، ولا مؤتمر أنابوليس. هل الأمن أحسن الآن من العام 1996؟

يعني؟ الاستيطان هو الثابت والسياسات التسووية والسلامية هي المتحركة. لا مفاجأة في الأمر إذاً، منذ (الييشوف اليهودي) إلى دولة إسرائيل، إلى أرض - إسرائيل الكاملة.. فإلى (دولة يهودية ديمقراطية). على ذلك، قد تأتي حكومة إسرائيلية، حتى بعد اتفاق على مبادئ إقامة دولة فلسطينية، وتقيم جداراً شرقياً يعزل الأغوار عن باقي الضفة.. وسيقول مسؤول إسرائيلي ما، إن المشروع قديم ويعود إلى دماغ المرحوم شارون، أو حتى إلى ييغال ألون، أو حتى الى البروفيسور فيختمان صاحب فكرة (عمود فقري ثان) لإسرائيل.

حقاً، أن لكل المخلوقات عموداً فقرياً واحداً، غير أن دولة إسرائيل مخلوق آخر.. لا نريد وصفها بما يعود إلى تراث ما قبل 1967، بينما نسير الآن بحذر شديد، على بيض يُسمى مناهضة العنصرية والتحريض.

اللغة الإعلامية والسياسية الفلسطينية صارت نقيّة تقريباً من التحريض، على عكس التلوث الزائد للغة الإعلامية والعسكرية والسياسة الإسرائيلية.

الرئيس أبو مازن أبعد ما يكون عن التحريض، لكنه في الفترة القريبة الماضية، يعيد قراءة التصريحات الإسرائيلية ذاتها، وكذا السياسات المعلنة والمضمرة، ومنها الحديث عن (محرقة)، وتهديد فلسطينيي القدس بالترحيل، وأيضاً تحدث كرئيس مسؤول عن طبخة صفقة التهدئة، والحوار الحمساوي - الإسرائيلي عبر أكثر من وسيط عربي وعالمي.

تعرض الرئيس الفلسطيني الى لوم أميركي وتنديد إسرائيلي، لأنه اختار الذهاب الى "صلح مكّة" مع حركة "حماس"، إلى أن صار الإسرائيليون دعاة حوار معها، وصار ساسة أوروبيون وخبراء سياسيون أميركيون يطالبون بإدخالها في معادلة الحل السياسي، علماً أن أبو مازن صبر وكدّ منذ العام 2004 وحتى الانقلاب الغزي، ونجح في ترتيب هدنتين، وهو لا يعارض هدنة ثالثة، ولا يوفر فكرة أو جهداً لفتح معابر غزة، بما في ذلك مخاطرة استلام الحرس الرئاسي لها، أو مخاطرة الخطة الأمنية الفلسطينية، بدءاً من نابلس، التي تحرص إسرائيل على كرسحتها كلما وقفت على قدميها، علماً أن المرحلة الثانية كانت بيت لحم، وقد استبقتها إسرائيل بتصفيات يوم الأربعاء الماضي.

سياسياً، حضر رئيس الحكومة الفلسطينية الاجتماع الافتتاحي للآلية الثلاثية، بينما تملّص منه وزير الحربية باراك، كما تملّص في كامب ديفيد وطابا، وهو يطالب أمن السلطة بمهمة مستحيلة في الضفة. يعرقل خطوات التهدئة، ويزعم حماية رام الله من سيطرة "حماس".

لكلّ ما سبق، لا بأس أن يكشّر أبو مازن، ويستخدم لغة مباشرة في حديثه عن الممارسات والسياسات والأهداف الاسرائيلية، إلى جانب تمسّكه بفرصة مفاوضات للوصول الى اتفاق نهائي.

العالم يلوم إسرائيل سياسياً، وبقدر أقل يلوم الفلسطينيين أمنياً. إسرائيل غير معذورة في التملّص السياسي من التزاماتها، بينما يمكن عذر الفلسطينيين أمنياً، لأنهم لا يسيطرون على الأرض، لا سياسياً ولا أمنياً، حتى أن إسرائيل تستخدم الواقع الغزي لوضع عراقيل إضافية أمام المفاوضات، فهي تغذّي دوافع الانفصال الغزي، ثم تتخذه ذريعة لتأخير المفاوضات.