الأربعاء: 20/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

أبو مازن - الرئيس الذي يشد الحبال حتى تنقطع الأنفاس

نشر بتاريخ: 04/07/2019 ( آخر تحديث: 04/07/2019 الساعة: 21:29 )
أبو مازن - الرئيس الذي يشد الحبال حتى تنقطع الأنفاس

رام الله - تقرير خاص بمعا - تصوير ثائر غنايم - بخزينة خاوية ومن دون سلاح ولا رواتب، ولا سيطرة على مدن السلطة ، من دون سيطرة على قطاع غزة ومن دون عباءة عربية موحدة . لا يزال الرئيس ابو مازن مقتنع أنه قادر على قلب طاولة المؤامرة على اللوبي الصهيوني في البيت الابيض وعلى رأسهم السفير المستوطن فريدمان ، ومعه جيسون جريبنبلات وجيرالد كوشنير . ولا يزال يرى ان الشعب الفلسطيني معه مهما طال الطريق وقادرون على صنع المعجزة وهزيمة أقوى دولة في العالم من دون رصاصة واحدة.
بدا محمود عباس إبن ال84 عاما أكثر شبابا وحيوية ، وبدا أكثر شبابا من طاقمه الذي شاخ كثيرا ، وانحنت ظهور مستشاريه . فقد طار غرابهم وظهرت على وجوههم اّثار الزمن . وحتى الشباب منهم هرموا في سراديب القضية . امّا أبو مازن فقد أطل على الصحفيين وهو أكثر حيوية وتفاؤلا من حراسه الذين لوّحتهم شمس رام الله في صيف ساخن لا يعرف الرحمة .
معنويات الرئيس مرتفعة ، ولم يتردد في اطلاق نكتة هنا او غمزة ايحاء هناك ، هدوء صوته وابتساماته لم تخدع الصحفيين الذين واكبوا لثلاثين عاما أخبار الرئاسة بلا انقطاع ويعرفون متى ينظرون وراء الكلمات . فأبو مازن ذاهب الى المزيد من المواجهة مع صفقة القرن وذاهب الى شد الحبال حتى تنقطع الأنفاس . وهو يستعد لشن هجمة مرتدة ردا على هجمة ورشة البحرين .
بدا منتشيا بالفوز ، وبدا متأكدا أن الفلسطينيين أفشلوا خطة " اليهودي " كوشنير وزبانية المستوطنين في البيت الابيض . وتراه قد منع نفسه أكثر من مرة أن يقسو بالكلام على بعض المسؤوليبن العرب الذين يترنحون نحو التطبيع المجّاني ، فقال بلهجة يفهمها الفلسطيني أكثر من غيره : لم نكلّف أحدا بالحديث نيابة عنا ، انا أحذّر الجميع لا أحد يتحدث باسم الفلسطينيين سوى منظمة التحرير . ولم يجدوا ولن يجدوا سوى جاسوس واحد ساقوه معهم الى المنامة ، وهو معروف أنه " جاسوس " . كما قال الرئيس .
وفي اللقاء المفتوح مع الصحافة العربية والفلسطينية أعرب الرئيس الفلسطيني عن رضاه الشديد عن فشل ورشة المنامة في البحرين ورفضه الشديد لصفقة العصر :
"انا التقيت ترامب 4 مرات في واشنطن وبيت لحم والسعودية ونيويورك والتقى الوفد الفلسطيني بالوفد الامريكي 30 مرة واتفقنا على مبدأ حل الدولتين وان يستلم الامن الامريكي أمن الضفة الغربية ولكن صفقة القرن إنتهت وقلنا لا ولن نقبل بها بكل وضوح وبكل صراحة أن ننتظرها ولن ننتظر أي خير منها وقلنا بملئ أفواهنا "لا" لما طرحته صفقة القرن ولا لما سوف تطرحه صفقة القرن ، وأقول لا لأمريكا ولا لما تفرضه علينا الولايات المتحدة الامريكية . ولن نقبل امريكا وسيطا للسلام فهي منذ اتفاقية اوسلو لغاية الان لم تساهم في نجاح اي اتفاق بل على العكس لو انها عرفت باتفاقية اوسلو في حينه لكانت أفشلتها . والسبب الوحيد لنجاح اتفاقية اوسلو ان امريكا لم تكن تعلم بها الا بعد توقيعها .
وأضاف بطريقة معقدة جدا : "نحن الان في قطيعة مع الامريكان ولكن هناك اتصالات بين السلطة وبين الامن الامريكي ومعنا 82 دولة اخرى في اطار مكافحة الارهاب" .
ثم حاول تبسيط الامر فقال : لم نقفل الباب تماما مع امريكا وتركنا المجال مفتوحا . وهذا ينسحب على المنامة فنحن قلنا اولا الحل السياسي وبعد ذلك الاقتصادي " نحن نريد كرامة وأمن ودولة وبعد ان نقيم دولة نحتاج لبعض المساعدات " وأضاف : "ورشة المنامة كذب ".
حتى كبار الصحفيين الفلسطينيين الذين خاضوا لعشرات السنين بحر السياسة المتلاطم صعب عليهم التقاط العنوان وكان الرئيس لا يريد أن يحشر نفسه في زاوية الاحتمالات المحدودة وترك لنفسه كل الخيارات مفتوحة .
ولكنه لم يبخل في الاستخفاف بأفكار وتصريحات مستشار الرئيس الامريكي جيرالد كوشنير وخطاباته وقال "ان ورشة المنامة كذبة اخترعها كوشنير ونحن أبلغنا العالم أننا نبحث عن حل سياسي مبني على الشرعية الدولية ولا نزال متمسكون بالمبادرة العربية ".
من جهة اخرى وفي تعقيبه على افتتاح السفير الامريكي فريدمان لنفق سلوان وصف الرئيس الفلسطيني جنود جيش الاحتلال بالزعران وقال "كلهم زعران" . والقدس تتعرض لمؤامرة من النفق وممتلكات البطريركية بباب الخليل والاعتداءات تطال البشر والشجر والحجر . وقال "ان نتانياهو لا يؤمن بالسلام ولو يستطيع ان ينفي الفلسطينيين عن هذه الارض لما تردد ".
وجدد الرئيس التأكيد على عدم القبول باستلام أموال المقاصة التي تحتجزها إسرائيل منقوصة، مؤكدا "أننا نريد أموالنا كاملة، بل ومن الآن فصاعدا سنناقش مع الإسرائيليين كل قرش يخصمونه وليس فقط ما يتعلق بالشهداء والأسرى والجرحى".
وقال: "سنتحمل وشعبنا سيتحمل في سبيل القضية الوطنية (الشهداء والجرحى والأسرى)"، موجها التحية لأبناء شعبنا من موظفين مدنيين وعسكريين على هذا الموقف النبيل وصبرهم وصمودهم، مضيفا: "إنه موقف أرفع له القبعة، والعالم كله يرفع له القبعة".



وحول المصالحة مع حركة "حماس"، قال الرئيس اتفقنا مع المصريين على اتفاق اسمه اتفاق 2017 الذي يقضي بالحل، ونحن وافقنا عليه وإلى الآن مع الأسف لم يطبق، ونحن ملتزمون بهذا الاتفاق، وننتظر الرد حتى الآن.
الرئيس بعد ورشة البحرين ، أكثر عنادا من قبلها . والرئيس قبل اجتماع المركزي لم يبح بالكثير رغم أن الجلسة استمرت أكثر من ساعة . ترك جميع الاحتمالات مفتوحة امام نفسه وامام الجميع . وأبقى فتح بعيدة عن الالتزام المجاني من جانبها بأي اتفاق مع أي طرف .. حمّل حماس مسؤولية تعطيل الانتخابات وحمّل اسرائيل مسؤولية التدهور الميداني وحمّل طاقم ترامب مسؤولية انهيار الاقليم وحمّل الشعب مهمة الصمود والنضال والانتصار الحتمي لقضية عادلة .
لم يظهر الوهن او التأثر بشان موضوع الرواتب ، وهرب من زاوية كسر ذراع السلطة التي خططت لها حكومة نتانياهو .
وفيها قولان ، ولها وجهان ، وعليها إحتمالان :
- امّا ان الرئيس يملك ضمانات دولية ثقيلة منحته كل هذه الثقة بالنفس . وسنعرفها عند انعقاد المجلس المركزي .
- وامّا أنه يخبئ مفاجئة أكبر نحو المزيد من التصادم مع تل ابيب وواشنطن ومن يقف معهما من العواصم . وسنعرفها حتى نهاية هذا العام .
اذ ان الواقع لا يمكن أن يستمر على هذا النحو ، وبتراكمية لا متناهية دون قفزات أكبر .