الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

السراج: الحصار الإسرائيلي المستمر قد يتسبب بكارثة نفسية صامتة لأبناء قطاع غزة

نشر بتاريخ: 17/03/2008 ( آخر تحديث: 17/03/2008 الساعة: 16:23 )
غزة- معا- حذر الدكتور إياد السراج, رئيس الحملة الدولية لفك الحصار عن غزة من أن الحصار الإسرائيلي قد يتسبب بكارثة نفسية صامتة لأبناء قطاع غزة جراء الضغوط النفسية الهائلة المترتبة على استمراره.

وأشار الدكتور السراج في تصريح صحفي الى أن من بين الآثار النفسية غير الملموسة على الشعب هو شعور المواطنين بفقدان الأمان و خوفهم الدائم من الأيام القادمة و ما تحمله من كوارث و آلام.

وأضاف : و نلمس ذلك من خلال السلوك العصبي و التصرفات الانفعالية و حالات الاكتئاب المتزايدة ناهيك عن تأثير الحصار السلبي على الأطفال خصيصاً, حيث أن الكبت و العنف المتراكم داخل الطفل أثر على قواه العقلية و إبداعه , وجعله يلجأ إلى طرق و أفعال متطرفة يعكس من خلالها ما في داخله من ألم و إحباط حيث في الانتفاضة الأولى كان الأطفال يرمون الحجارة على الجيش الإسرائيلي و لكن في الانتفاضة الثانية كبر هؤلاء الأطفال ليصبحوا فدائيين.

وفي السياق ذاته أوضح السراج أن الأوضاع السائدة في قطاع غزة تخلق واقعا صعبا ومتشددا مشيرا إلى أن البيئة هي التي تخلق الإنسان, متابعا القول: فماذا يمكننا أن نتوقع من طفل نشأ في بيئة مضطربة و غير مستقرة نفسياً ؟ , وكيف لنا أن نتوقع منه أن يتصرف بإنسانية وأن يكون إنسانا طبيعيا؟.

ويرى السراج أن الطفل الفلسطيني فقد أهم ركنين في حياته, حيث فقد شعوره بالأمان بسبب الغارات والقصف و الدمار, كما فقد الشعور بالبهجة و السرور فأصبح يرى والده رمز القوة و الرجولة و الصلابة عاجزا و غير قادر على توفير الأمان و الغذاء له اذ بلغت نسبة البطالة في قطاع غزة 80%.

ويتابع "بعض الأطفال فقدوا احترامهم لوالدهم حيث أشارت دراسة على 3000 طفل في غزة لسنة 1991, 45% منهم شاهدوا آباءهم يضربون و يهانون أمام أعينهم مما خلق داخلهم حالة من الاغتراب , فأصبحوا يلجأون لمن هم أقوى من آباءهم فاتجهوا للتنظيمات السياسية لنيل هويات جديدة يحتمون بها".

وأفاد السراج أن أهم مظاهر الحصار على الصحة النفسية عند الأطفال هي تعرضهم لحالة ما بعد الصدمة و التي من أهم أعراضها: الاكتئاب, التوتر النفسي, عدم القدرة على النوم, عدم القدرة على التركيز, العنف, فقدان الشهية, التبول اللاإرادي, واستمرار تذكر الأحداث المؤلمة, فقبل عامين كان ما نسبته 33% من أطفال غزة يعانون من هذه الحالة النفسية.

وأضاف "من الأعراض النفسية الأخرى عند الأطفال هي التلعثم في الكلام و تراجع تحصيلهم العلمي ,و شدة تعلقهم بأمهاتهم جراء شعورهم بالخوف, وبعض الأطفال يعانون من حالة مزمنة من سوء التغذية التي تؤثر على ذكاءهم حيث أن 15% من أطفال غزة يعانون من خلل في القدرات العقلية سببه سوء التغذية إضافةً إلى أن ما يقارب 36% من الأطفال أصبحوا يتمنون الموت استشهادا قبل وصولهم لسن 18 سنة ,و 17% من الإناث قالوا الشئ ذاته و هذا كان في دراسة على عدد كبير من الأطفال قبل عامين أما الآن فيمكننا التنبؤ بأن النسبة أصبحت مضاعفة".

وأوضح السراج أن الحصار ترك أثاراً قاسية على جميع القطاعات في قطاع غزة و من أكثر القطاعات تضرراً برأيه هو القطاع الصناعي, حيث أدى الحصار إلى توقف حوالي 4000 مصنع عن العمل مما أدى إلى قطع أرزاق 180 ألف عاملا.

وفي إشارة لجهود الحملة في فك الحصار, أضاف الدكتور إياد السراج أن الحملة كان لها دور أساسي في توصيل أثار الحصار للعالم , و أصبح لها صوت مسموع فقد كانت ركناً أساسياً بإحداث الضجة الإعلامية الضخمة التي أدت إلى الضغط على إسرائيل مما أجبرها على التراجع عن قطع التيار الكهربائي و تقنين كميات الوقود, بالإضافة إلى موقف البرلمان الأوروبي الذي اتخذ قرارين لمساندة وقف الحصار , وقد تم التباحث أيضاً في موضوع الحصار أمام الكونجرس الأمريكي لفكه.

وأضاف مستدركا لكن هذا لا يكفي فهدف الحملة الأساسي هو فك الحصار تماماً و فتح المعابر كافة و بالذات معبر رفح المصري.

وأعرب رئيس الحملة عن خشيته من أن التطرف الذي يتزايد نتيجة الاحتلال و القهر و الموت المفروض على الشعب الفلسطيني بالآلة الإسرائيلية سيؤدي إلى مزيد من التطرف من جيل إلى جيل محذرا من مغبة أن يصبح المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة أكثر خطراً ليس على نفسه فقط بل على المنطقة بأسرها.

و جدد الدكتور إياد تحذيره للعالم و للجانب الإسرائيلي من مغبة أن الحصار يزيد المواطنين تطرفاً ويقضي على أي صوت ينادي بالسلام, قائلا بنبرة يأس: " ستحصدون غداً شر ما تزرعه الآلة العسكرية".

وأضاف "تؤمن الحملة بأن أفضل طريقة للانتصار على التطرف هو العمل المدني والسلمي المتحضر و الذي هو جزء من المقاومة المشروعة", وأكد على ضرورة مواصلة العمل بكل الطرق اللازمة من بينها التقدم للمحاكم الدولية و حشد الرأي العام الدولي لفضح الجرائم الإسرائيلية ليس فقط من أجل فك الحصار ولكن أيضاً من أجل تحرير فلسطين وجلاء الاحتلال.

وأشاد السراج في حواره بمسيرة تشابك الأيدي التي رتبتها اللجنة الشعبية لفك الحصار عن قطاع غزة قبل أسابيع على طول شارع صلاح الدين و التي كان لها أبرز تأثيراً على العالم كله من إطلاق الصواريخ , باعتبارها وسيلة سلمية غاندية, والدليل على قوة تأثيرها أن إسرائيل كانت قد حشدت لمواجهتها قوات أكثر من حشدها لوقف الصواريخ.

و دعا السراج إلى ضرورة تنظيم مظاهرة سلمية لجميع اللاجئين الفلسطينيين الذين هجروا من أراضيهم للخروج و المطالبة بالعودة إلى ديارهم وللمطالبة بوقف الحصار وإنهاء الاحتلال.

وحول الموقف العربي إزاء الحصار على قطاع غزة أكد على ثقته بمشاعر الشعوب العربية وضمائرهم الحية مستنكرا موقف الحكام العرب وصمتهم غير المبرر.