السبت: 23/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

مشاهد القتال والاجتياحات والجنازات تستحوذ على العاب الاطفال في نابلس

نشر بتاريخ: 19/10/2005 ( آخر تحديث: 19/10/2005 الساعة: 12:54 )
نابلس- معا- بينما يعيش معظم اطفال العالم في مناخات يسودها الامن والسلام, والطمأنينة, وتتوفر لهم فيها مختلف وسائل الترفيه, يعيش الاطفال في الاراضي الفلسطينية في ظل الاحتلال والاستعمار الاسرائيلي منذ ثماني وثلاثين عاماً وسط بيئة فقيرة, وظروف اجتماعية قاسية.

وشهدت جميع محافظات الضفة الغربية وقطاع غزة منذ اندلاع انتفاضة الاقصى عام 2000 اجتياحات عديدة, خاصة مدينة نابلس التي تعرضت لاجتياح مدمر أثناء عملية ما يسمى بالسور الواقي في شهر نيسان/ ابريل من عام 2002, شهدت المدينة خلالها اجتياحاً للبلدة القديمة اضافةً الى قصفها الجوي والتدمير واستشهد اكثر من ثمانين مواطنا, وكان اطفالها الضحية نتيجةً لهذا العدوان لما سببه لهم من حالات نفسية لازمتهم حتى هذه اللحظة.

ولو تجولت بعد الافطار في ليلة من ليالي شهر رمضان المبارك في حارات وازقة البلدة القديمة بنابلس للفت نظرك مجموعة من الاطفال تتراوح اعمارهم بين 8 و 12 سنة يقومون باللعب بالبنادق والمسدسات البلاستيكية مقسمين انفسهم إلى مجموعتين واحدة تمثل جنود الاحتلال في اسلحتهم والاخرى تمثل دور المقاومين الفلسطينيين وهم يتصدون لقوات الاحتلال، من عمليات اطلاق النار والكر والفر والاعتقال، كما مثلوا جنازة شهيد وهم يرددون الهتافات.

وعند سؤال الطفل فادي الخليلي ( 11 عاماً ) من حارة حبس الدم في البلدة القديمة لمشاركته في هذه اللعبة أجاب ببراءة الطفولة: اننا نقوم بتمثيل ما يقوم به جيش الاحتلال ضد ابناء الشعب الفلسطيني بشكل عام, ومدينة نابلس بشكل خاص لما تعرضت لها من اجتياحات وقتل وتدمير واعتقالات.

وحول رأيه فيما لو لعب الاطفال ألعابا غير هذه الالعاب قال:" لا يوجد في مدينة نابلس سوى متنزهين ولا يوجد فيهما العاب غير " المراجيح " وهذه العاب لا تناسبني كما أن المحلات التي توجد بها الالعاب الكهربائية لا استطيع دخولها لان اللعب هناك بمقابل مادي ومصروفي اليومي الذي تعطيني اياه والدتي شيكلين فقط وهذا لا يكفي لكي العب او اركب القطار او الطائرة.

بينما كان الحال يختلف عن ذلك تماماً ربما قبل ثلاثين عاماً حيث كانت الالعاب تختلف عن ما يسري هذه الايام، ربما لشعور اطفال تلك الايام بالامان والاستقرار، حيث تعكس غالباً العاب الاطفال واقعهم ونفسياتهم.

ويروي المواطن رامز الدلع من سكان حارة الياسمينة ويبلغ من العمر 43 عاماً انه يذكر عندما كان في الثالثة عشرة من عمره وفي ايام شهر رمضان آنذاك ان رمضان يختلف عن هذه الايام التي يعيشها اطفال الجيل الجديد، حيث كانت في تلك الفترة عادة نابلسية مشهورة اسمها " السوق نازل " كما انها لها اغنية يرددها النابلسيون في تلك الايام وهي " انزلنا عـ السوق نازل القينا تفاحة حمرا ورماحة .... " وكان الاطفال يحملون الفوانيس والقناديل التي تضيؤها الشموع اضافة الى المشاعل التي تستخدم فيها مادة الكاز.

ويذكر الدلع انه كان يتجمع عدد كبير من الاطفال في منطقة باب الساحة حيث باعة عرق السوس والخروب والترمس والذرة وشعر البنات والسحلب ومع الايام وبسبب الظروف لم يعد الشارع النابلسي الى احياء هذه العادات.

وتقول الاخصائية النفسية رنا عودة من جمعية الهلال الاحمر الفلسطيني إن الظروف الامنية التي مرت بها مدينة نابلس عامةً والبلدة القديمة خاصةً بسبب الاجتياحات والحصار وايام منع التجول ومشاهد القتل والدمار اثر بشكل كبير وسلبي على نفسيات هؤلاء الاطفال إذ تعاني نسبة كبيرة منهم من حالات نفسية, وأوضحت أن هنالك اطفالا يخافون لدى سماعهم اجهزة الاتصال التي تستخدمها قوات الاحتلال بين حارات وازقة البلدة القديمة اثناء مداهمتها البلدة وكذلك هناك حالات كثيرة من التبول اللا إرادي لدى هؤلاء الاطفال.