صحيفة "هارتس" الاسرائيلية: بيت لحم لا تخاف القوات الخاصة والجميع يتحدث عن الانتفاضة الثالثة
نشر بتاريخ: 18/03/2008 ( آخر تحديث: 18/03/2008 الساعة: 17:46 )
بيت لحم- معا - في بيت لحم ساد الامل بأن تجلب لهم التهدئة الهدوء ولكن وبعد عملية الاغتيال التي جرت الاسبوع الماضي شدد سكانها من مواقفهم وباتوا يتحدثون عن انتفاضة ثالثه ، هكذا استهل الكاتب الاسرائيلي افي زخاروف تحقيقه الصحفي المنشور في صحيفة "هأرتس" الاسرائيلية .
واضاف زخاروف " تفاخر شحادة شحادة نجل الشيهد محمد شحادة الذي ثبت جزءا من خطاب نصرالله رنينا لهاتفه الخلوي قائلا " كل العائلة تحولت الى المذهب الشيعي ابي انضم الى الشيعه بعد ان ابعدته اسرائيل عام 1992 الى مرج الزهور حيث شاهد بعينية القمع الذي تعرض له الشيعه ما ذكره بما تعرض ويتعرض له الفلسطينيون وعلى طريق الامام الحسين فان ابي لم يشعر بالخوف وقرر عدم الاستسلام والموت ميته مقدسه ولم يفكر لحظة بتسليم نفسه ".
ان عائلة شيعية هو امر غريب وغير اعتيادي لدى الفلسطينيين الذين تتبع غالبيتهم المذهب السني ولكن التشاؤم والاحباط واليأس سمعت يوم امس في كل زاوية من بيت لحم ويبدو ان سكان المدينة الوادعه نسبيا قياسا مع بقية مدن الضفه الغربية مقتنعون بان عملية السلام الاسرائيلية الفلسطينية التي تجددت خلال مؤتمر انابوليس تلفظ انفاسها الاخيرة وان الطريق لجولة اخرى من العنف باتت سالكة لتحل مكان العملية السلمية .
يوم امس اتى بعض الضيوف الى منزل محمد شحادة لتقديم التعازي وتحلقت مجموعه من الشبان المتطرفين حول نجل الشهيد البالغ من العمر 19 عاما الذي لم يخف قرفه من الاسرائيليين بقوله " اليهود قتلوا الانبياء وهناك يهود جيدون وانا اقدرهم ولكن غالبيتهم من الاعداء مختتما قوله فيما هز الشبان وسط ساحة المنزل برؤوسهم تأيدا لاقواله .
انهم يرتدون ملابس تماما مثل اقرانهم الاسرائيليين لكن ثماني سنوات من الانتفاضة انستهم وجه العدو الرابض على بعد عدة كيلومترات على الجانب الاخر من جدار الفصل .
ويدعي شحادة شحادة بان والده لم يكن عضوا في حزب الله لكنه يؤيده روحانيا ولم ينف شحادة ان مكتب نصرالله تعهد بمساعدة العائلة ماليا بعد استشهاد والده وهنا قال احد الشبان المتحلقين حول شحادة بان كثيرا من الفلسطينيين قرروا اعتناق المذهب الشيعي مثل عيسى البطاط احد كبار قادة الجهاد الاسلامي في بيت لحم والمعتقل في اسرائيل ومحمد كوامله نشيط الجهاد الذي ما زال مطلوبا .
فقاطعه شحادة شحادة قائلا " ماذا فعلت بقتلكم والدي ؟ لقد حولتم السلطة الفلسطينية الى اضحوكة شوف رئيس الوزراء سلام فياض الذي ذهب للاجتماع مع باراك من ارسلوا له ؟ عاموس غلعاد!! لان باراك رفض الاجتماع به لقد قتلتم محمد شحادة واحد ولكن كما قال الامين العام الاول لحزب الله عباس موسوي مع كل قطرة دم شهيد تسقط على الارض فأن الله يعرف كيف يستغل هذا ويسخره ، في بيت لحم الجميع تحول اليوم الى محمد شحادة".
وحسب التقديرات المختلفه اشترك ما يقارب ربع سكان بيت لحم في تشييع جثمان محمد شحادة ورفاقه وكانت من اكبر الجنازات خلال السنوات الاخيرة .
وقال احد رجال الامن الفلسطيني المعروف باسم ابو ذيب وهو مطلوب ليس من الوزن الثقيل بان انتفاضة ثالثة تقف على الابواب واضاف " انا واصدقائي الذين قدنا الانتفاضة الحالية نشعر بالتعب ولكن الاولاد الذين كانوا في سن العاشرة وقت اندلاعها يبلغون الان 18 عاما ولا يعرفون شيئا غير العنف والحرب ضد اسرائيل هناك جيل كامل عنيفا ومتطرفا في الاراضي الفلسطينية سيقود الانتفاضة القادمة .
وهنا قال احد اصدقاء ابو ذيب ويدعى ابراهيم " لقد شعر سكان بيت لحم بالخديعه وفكرنا بأنه اذا ساد الهدوء ولم تنفذ عمليات ستأتي التهدئة الى بيت لحم وبدلا من ذلك اتت عملية الاغتيال التي وحدت جميع السكان وهذا الاحباط سيؤدي الى الانفجار ".
ويعتقد ابو ذيب بأن الشرخ بين اسرائيل والسلطة كبيرا مضيفا " بعد سيطرة حماس على قطاع غزة قررت السلطة محاربة الحركة وتجريدها من سلاحها والان وبعد 120 قتيلا في غزة والاغتيال في بيت لحم هل تتوقع مني ان اركب سيارة الجيب التابعه للامن الوقائي واعتقل ناشطا من حماس الذي يعمل في جمعية خيرية انني غير مستعد لاعتقال حتى ناشط حمساوي واحد ".
الازمة بين السلطة واسرائيل لم تتفجر بعد عملية الاغتيال في بيت لحم فقط ولكن الامر يدور عن شعور عميق لدى بعض كبار رجال السلطة وحركة فتح بان اسرائيل تستخف بهم وانها تجري معهم مفاوضات فقط لتحسن وضعها الدولي واكثر تجليات التعامل المهين مع السلطة يتمثل بقرارات حكومة اسرائيل بمواصلة بناء المستوطنات والاعتقالات التي تنفذها قوات الجيش كل ليلة في ارجاء الضفة الغربية وعدم ازالة الحواجز او اخلاء البؤر الاستيطانية ويمكن استشعار تأثيرات هذا التعامل المهين في جميع مدن الضفه الغربية وليس في بيت لحم وحدها حيث تراجعت السلطة عن العمل ضد حماس والجهاد الاسلامي فيما اطلق سراح معتقلي حماس من سجون جنين وطولكرم بعد يوم واحد من عملية الاغتيال في بيت لحم .
وبدا ناصر اللحام الذي استضاف في مكتبه المطاردين قبل ساعات من اغتيالهم متشائما بشكل خاص حيث قال " حتى بعد وفاة ياسر عرفات لم نشعر بحزن كهذا في بيت لحم لا يوجد اي افق والاحباط عظيم والجميع يشعر بالاختناق والهزيمة وهذه مشاعر خطيرة يوما واحدا قبل الاغتيال سألوني في مقابلة مع راديو طهران فيما اذا كنا نقف على ابواب انتفاضة ثالثه ام لا ؟ واجبتهم بالنفي اما اليوم فأقول نعم هذه هي الشرارة التي ستشعل الحريق ".
وتحدث اللحام عن خيبة امله من معسكر السلام الاسرائيلي قائلا " اليوم لا يوجد يسار اسرائيلي وجميع الاطراف تحولت الى صماء وعمياء لا ترى او تسمع الالام ومعاناة الطرف الاخر سواء تعلق الامر بأم في سيديروت او ام في قطاع غزة ان عملية السلام ومؤتمر انابولس قد فارقتا الحياة ولا يوجد غير الكلام اما على ارض الواقع فلا يوجد شيئ والجميع يفهم هذا ".