نشر بتاريخ: 07/08/2019 ( آخر تحديث: 07/08/2019 الساعة: 19:41 )
رام الله- معا- عقد الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العامة مؤتمره السنوي للموازنة العامة للعام 2019، الذي تناول أربعة محاور رئيسية على رأسها الأداء المالي خلال النصف الأول من العام 2019، وسياسات التقشف والترشيد، إضافة الى سبر أغوار تراكم الدين العام والمتأخرات، وأثر ذلك على الخدمات المقدمة للمواطنين، منبّها في تحليله أثر استمرار الأزمة على تراكم الدين العام والاستدامة المالية للسلطة، علاوة على فحص حوكمة بعض الصناديق التي تديرها الحكومة وما تؤثره على مؤشرات الاقتصاد الكلي، حيث ناقش الفريق الأهلي تقريراً حول بيئة النزاهة في عمل الصندوق الفلسطيني للتشغيل والحماية الاجتماعية، فاحصا مستلزمات وجود خطط حقيقية لدعم الشباب وتشغيلهم، وخاتما بتقرير آخر حول سياسات الحكومة في دعم القطاع الزراعي المهدد بفعل ممارسات الاحتلال من خلال دراسته لصندوق درء المخاطر والتأمينات الزراعية.
الفريق شريكا لا بديلا في العمل الرقابي
وفي كلمة ائتلاف أمان، سكرتاريا الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العامة، تطرق مديرها التنفيذي السيد مجدي أبو زيد الى ما يقوم به الفريق الأهلي من رقابة على أداء الموازنة وتحسين للخدمات العامة، وما يشكله من مرجع لكافة المؤسسات والباحثين والأكاديميين في هذا المجال، فلطالما تبنت الحكومة توصياته حول ترشيد النفقات وزيادة الإيرادات. وقد أكد أبو زيد أن الفريق الأهلي لا يشكل بديلا عن المجلس التشريعي، وإنما داعما للدور الرقابي المناط به، وشريكا حقيقيا في العمل نحو سياسات مالية قادرة على تحدي الأزمات المالية، وقادرة على تحقيق أولويات المواطنين، ومراعية لأسس تحقيق العدالة المجتمعية.
وشدد أبو زيد في كلمته على مطالب أمان والفريق الأهلي المتمثلة بتبني خطط ممنهجة وواقعية للتقشف وترشيد الانفاق العام، بحيث تكون متكاملة محددة الاهداف والآليات والمسؤوليات، إضافة لأن تكون مكتوبة ومنشورة، مؤكدا على ضرورة عدم المساس بالبرامج الداعمة للفقراء والفئات المهمشة، تحديدا تلك التي تنفذها وزارة التنمية الاجتماعية. مصرحا بالتزام الفريق الأهلي بما ورد في استراتيجية إدارة المال العام، والمضي نحو تحقيقها.
تأخر قانون الموازنة لا مبرر له
في الجلسة الأولى للمؤتمر، استعرضت الباحثة لميس فراج، منسقة الفريق الأهلي التقرير النصف سنوي حول أداء الموازنة العامة، آخذة خصوصية السنة المالية الطارئة، ومقدمة جملة من الاستخلاصات والحقائق، أولها عدم وجود أساس قانوني لاعتماد موازنة الطوارئ، إذ قام الرئيس باعتماد نفس موازنة العام 2018 لتطبيقها عام 2019، على أن تصرف شهريا، وفق تعليمات إدارية لتنظيم الإنفاق، كما أن تأخر القانون غير مبرر إطلاقا، إذ كان من المفترض على الحكومة الانتهاء من المشاورات وإعداد الموازنة قبل نهاية تشرين أول 2018، أي قبل استقالة الحكومة وقبل قرار الاحتلال بالاستيلاء على جزء من أموال المقاصة.
في رؤيته التحليلية، شخص الفريق الأهلي المشكلة التي تكمن في تطبيق مبادئ الشفافية المتعلقة بالإفصاح عن الموازنة العامة وتفاصيلها، إذ تم إيقاف التقارير المالية الشهرية على موقع وزارة المالية الالكتروني تباعا للعمل بموزانة الطوارئ على نحو غير مبرر أيضا، كما بلغت الايردات المتحققة خلال النصف الأول من العام الجاري حوالي نصف المقدر نظرا لعدم استلام أموال المقاصة والموقف السياسي، إلا أن هذه الأزمة لم تؤثر على الجباية المحلية والتي جاءت مقاربة لما تم تحقيقه خلال ذات الفترة من العام الماضي. أما على صعيد التهرب الضريبي المتأتي من تجارة التبغ والوقود، دعا الفريق الأهلي لتشكيل لجنة حكومية ممثلة من جميع الأطراف لضبط موضوع جمارك السجائر والمعسل، ووقف ظاهرة التهريب الشائع الظاهر للعيان، تمهيدا لمساءلة الأطراف المسؤولة.
أما عن النفقات، فقد تم الالتزام بالإجراءات الخاصة بالتقنين النقدي، وتخفيض الإنفاق على الأساس النقدي، ما يشير إلى زيادة الأعباء والديون على الحكومة، كما تم تخفيض النفقات التشغيلية بدون توضيح لماهية النفقات التشغيلية التي تم تخفيضها، وضرورة الالتزام بعدم المساس في القطاعات التنموية التي تمس الخدمات العامة للمواطنين، إضافة الى الحقائق التي تشير أن صافي الإقراض في ارتفاع، ناهيك عن وجود زيادة العجز في الموازنة، وزيادة في الديون المحلية والمتأخرات.
الدين العام يمس الخدمات الأساسية للمواطن الفلسطيني
وحول واقع الدين العام ومتأخرات القطاع الخاص في فلسطين، عرض الباحث والأكاديمي نصر عبد الكريم ورقة بحثية، أسهب فيها حول اقتراض الحكومة داخليا من البنوك و خارجيا من الحكومات والمؤسسات الدولية بهدف تعويض العجز الحاصل في الموازنة، إذ تشكل النفقات الجارية معظم نفقات الموازنة الفلسطينية بنسبة 85%، فقد بلغ العجز في موازنة العام 2018 حوالي المليار دولار، في حين بلغت النفقات حوالي 6 مليار دولار، مقابل 5 مليار دولار في الايرادات. وتشكل الجباية المحلية حوالي 25%، كذلك تصل نسبة المنح والهبات الخارجية الى 25% أيضا، في حين يجمع النصف المتبقي من ايرادات المقاصة. وتكمن أهمية الدين العام في كونه يمسّ بمستوى المعيشة والخدمات الضرورية للجيل الحاضر والأجيال المقبلة والعدالة الاجتماعية. حيث يتزامن طرح موضوع تراكم الدين العام والمتأخرات المستحقة للقطاع الخاص والأجور خاصة مع الازمة الاقتصادية التي تعاني منها السلطة الوطنية الفلسطينية، والتي أحد اسبابها وقف الدعم الأمريكي وعدم استلام السلطة أموال المقاصة.
75% من ايرادات السلطة تخضع للظروف السياسية
وقد أظهرت نتائج الدارسة أن الدين العام نتاج السياسة المالية للسلطة والعجز في الرصيد الجاري في الموازنة العامة الفلسطينية لما تعانيه من وضع مالي هش وغير مستدام، ، سيما وأن 75% من إيرداتها تخضع للظروف السياسية، ما يعني زيادة في حجم الدين العام، وارتفاع مبلغ متأخرات القطاع الخاص. ويعود سبب ارتفاع الدين العام الفلسطيني بحسب الورقة البحثية، نمو النفقات والتوسع المؤسساتي للسلطة الفلسطينية، وغياب الأسس السليمة في التنمية دون النظر الى الظروف الاقتصادية وحجم الموارد التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية، وانخفاض الضرائب المحلية، وعدم قدرة السلطة على فرض ضارئب أخرى، دون إغفال السبب الأقوى والمتمثل بسيطرة الاحتلال الإسرائيلي على الموارد المحلية، والحدود والتحكم في تحويلات المقاصة.
اختتم عبد الكريم بجملة من التوصيات أهمها: ضرورة العمل على ضبط النفقات وترشيدها، وعمل إصلاحات ضريبية وتحسين كفاءة نظام الجباية الضريبية خاصة التهرب الضريبي، تجنب الاقتراض لتمويل النفقات التشغيلية و ضرورة قيام وزارة المالية بإضفاء مزيد من الشفافية والمساءلة في إدارة الدين العام.
180 مليون شيقل مجموع ما تحوله وزارة المالية شهريا للمتقاعدين
عقَب الباحث والخبير الاقتصادي عمر عبد الرازق على موضوع الدين العام مؤكدا على أن العجز في الموازنة هو سبب الدين العام وهو أمر محسوم، وان من غير الممكن اقتراض الحكومة لعمل مشاريع تنموية مدرة للدخل، كون ذلك ينطوي على تغيير لفلسفة الحكومة المالية القائمة على عدم تملك الحكومة للمشاريع، وهنا يأتي دور صندوق الاستثمار الذي يدير أموالا عامة فلسطينية -المفترض استخدامه كرافعة اقتصادية للحكومة في الازمات- وهو منسلخ عن الحكومة كليا موصيا بإعادة النظر في العلاقة بين الحكومة والصندوق ليقوم الأخير بتنفيذ المشاريع المدرة للدخل، مضيفا الى التوصية بضرورة وضع استراتيجية طويلة المدى لتوسيع مشاركة القطاع الخاص في توفير الخدمات الأساسية سيما الصحة والتعليم بجودة عالية وبعدالة للجميع، ووضع خطة متوسطة المدى لتقليص التوظيف في الأجهزة الأمنية الفلسطينية، خاتما بضرورة وجود استراتيجية وطنية لمواجهة التهرب الضريبي كون العبء الضريبي يتكبده الفقراء أكثر من الأغنياء.
القائم بأعمال مدير عام الموازنة العامة في وزارة المالية السيد طارق مصطفى عقّب على سياسة الحكومة في الدين العام مشيرا الى ان الدين العام خلال الأعوام 2013-2018 ارتفع بشكل طفيف بسبب الازمة المالية التي تعانيها السلطة، منوهاً الى أن 563 دولار من مجمل الدين العام هي منح دوارة وانه تم الاتفاق مع البنك الإسلامي للتنمية على ان يتم استثمارها وصرفها على مشاريع تطويرية، وان عدد كبير من الممارسين لنشاطات تجارية غير مسجلين ضريبيا، وتبعا للسيد طارق فإن وزارة المالية التزمت بتحويل مبلغ شهري بقيمة 25 مليون شيقل من مستحقات هيئة التقاعد، بالإضافة الى حوالي 160 مليون شيقل تدفع مباشرة الى المتقاعدين.
فاعلية الصندوق الفلسطيني للتشغيل والحماية الاجتماعية في الحد من البطالة
تم افتتاح الجلسة الثانية باستعراض ورقة بحثية حول عمل الصندوق الفلسطيني للتشغيل والحماية الاجتماعية من الباحث د. أحمد أبو دية، التي أوضح فيها هدف الصندوق الذي أنشأ من أجله باعتباره المرجعية في عملية التشغيل، من خلال وضع سياسات وطنية شامله للتشغيل، وتعزيز قدارت القطاع الخاص للتوسع وخلق فرص عمل جديدة، وتنمية مهارات وقدارت القوى العاملة، وتحسين ظروف وشروط العمل والحماية الاجتماعية في سوق العمل.
وقد توصلت الورقة الى مجموعة من التوصيات أهمها: أن يبادر الصندوق لوضع قانون عصري يعالج الإشكاليات والثغرات القائمة في التشريع الحالي، وبالأخص الأهداف والمهام وخطوط المساءلة وضمانات الرقابة والتدقيق على أموال الصندوق وكيفية إدارتها، والعمل على تعزيز قدارت الصندوق، وتطوير سياساته وأدلة عمله واعتمادها وفق الأصول، وبناء نظام محوسب يتضمن معايير الخدمة للتقليل من التأثيرات الشخصية في هذا المجال، وتخصيص الموارد المالية اللازمة لقيامه بمهامه، النشر عبر صفحة الصندوق بما يشمل لوائح وأنظمة وموازنات وتقارير، وقرارت ومكافآت لأعضاء مجلس الإدارة، إضافة إلى المعايير المعتمدة لتلقي خدمات الصندوق وآليات واجراءات تلقي الخدمة.
الحكومة شكلت لجنة لدراسة الاطار التشريعي للصناديق وامكانيات دمجها
الخبير الاقتصادي د. سمير حليلة في تعقيبه أشار الى ان التشبيك الافقي بين الصندوق والمؤسسات ذات العلاقة من القطاع الخاص والعام تعتريه ثغرات، وهناك مجالات يفضل ان يتركها الصندوق لغيره من الأطراف، مثل اجراء دراسة للتخصصات المطلوبة لسوق العمل كل مدة لا تزيد عن 5 سنوات بما يرتبط بمتطلبات الاقتصاد الفلسطيني، المشاريع الصغيرة تشكل 97% من المشاريع في فلسطين الا ان 60 % منها يفشل في بداياته وفقا لاحصائية عالمية وهذا يعزى للبيئة المحيطة، وان نظامنا في فلسطين لا يساعد المشاريع الصغيرة على الحياة والنمو ويثقله قبل البدء ما يؤدي الى فشلها.
وكيل وزارة العمل السيد سامر سلامة أشار الى ان الاطار القانوني للصندوق تم تطويره كصندوق إغاثي ثم تحول لصندوق تنموي بالتالي البنية التشريعية لم تستطع النهوض بالصندوق، وضرورة مراجعة اطاره التشريعي، من الأهمية مراجعة الاطار التشريعي لكافة الصناديق المختصة بالتشغيل ومن ثم دراسة إمكانية دمجها او دمج بعضها للنهوض بها ومساعدتها على تحقيق أهدافها وهذا ما قامت به الحكومة فعليا عن طريق تشكيل لجنة لهذا الغرض.
غياب استراتيجية وطنية فلسطينية للتشغيل والحماية
الأكاديمي في كلية التجارة والاقتصاد بجامعة بيرزيت د. طارق صادق تحدث عن سياسات التشغيل لدى منظمة العمل الدولية وهي البعد الكمي والنوعي وعدم التفرقة بين طالبي العمل، مشكلة الصندوق تتلخص في عدم وضوح العلاقة بين الصندوق ووزارة العمل وضعف الحوار المجتمعي ما يؤدي الى انحدار كم ونوعية فرص العمل المتاحة، منوها الى ضرورة عكس التخصصات على سياسات التشغيل في فلسطين.
فاعلية صندوق درء المخاطر والتأمينات الزراعية في حماية أموال المزارعين
استعرض الباحث السيد إياد الرياحي معد تقرير حالة صندوق درء المخاطر والتأمينات الزراعية مشيرا الى أن الكثير من المهام الموكلة للصندوق متعثرة بحكم تجربة الصندوق الحديثة، و لعدم توفير الموارد المالية اللازمة لتنفيذ العديد من الأنشطة تحديداً في مجال الاستثمار. ما أبقى دور الصندوق محدوداً على صعيد الخدمات الواجب تقديمها للمزارعين والتي من شأنها أن تسهم في نهضة القطاع الزراعي بشكل عام فضلا عن عدم معالجة الاطار القانوني للتأمينات الزراعية، مشيرا الى ان وجود مجلس تنفيذي يمكن أن يسهم ايجابياً في تحسين بيئة المساءلة في عمل الصندوق، وهذا المجلس الممثل لمختلف القطاعات يجب أن يكون له دوراً محدد وواضح وألا يصادر صلاحيات الطاقم التنفيذي ودوره، وألا يصادر أيضاً دور ومسؤوليات مجلس الإدارة.
موصيا في نهاية التقرير بضرورة تحسين وتطوير منظومة النزاهة والشفافية والمساءلة في الصندوق، ويمكن لمجلس الإدارة إتخاذ العديد من الإجراءات والمدخل الصحيح يكمن بتعديل قرار بقانون رقم (12) لسنة 2013م بشأن صندوق درء المخاطر والتأمينات الزراعية تحديدا في إطار الحوكمة ودور مجلس الإدارة. ويمكن مراجعة تجربة صندوق التشغيل في وجود مجلس تنفيذي يضم مجموعة مصغرة تمثل الاطراف كافة.