صحافيون يناقشون العلاقة بين ظاهرة استشراء العنف وبين التغطية الإعلامية
نشر بتاريخ: 19/10/2019 ( آخر تحديث: 19/10/2019 الساعة: 10:34 )
رام الله- معا-افي لقاءٍ خاص، نُظم يوم الجمعة، في مركز إعلام، ناقش العشرات من الصحافيين والإعلاميين، العلاقة بين الإعلام والعنف والدور المتوخى من الإعلاميين والصحافيين في مواجهة الظاهرة.
وتطرقت الندوة إلى التغطية الإعلاميّة لقضية استشراء العنف والجرائم في المجتمع العربي بين الاستحقاقات المهنية وبين المحاذير الإنسانية والأخلاقية والوطنية. وعالجت الندوة الموجود والمفقود في التغطيات العربية للظاهرة كما وتأثير التغطية المتواصلة والمكثفة للظاهرة على تفشيها وتحولها إلى طبيعيّة في نظر الشباب، مع اختزال للبعد القيميّ للموضوع.
وشارك في الندوة، التي ادارها الكاتب الصحافي وديع عواودة، البروفسور خولة أبو بكر، حيث تم التداول في الأسئلة المتشعبة من المعادلة الدقيقة الشاملة لـ حق الجمهور بالمعرفة مقابل نقل الواقع بمهنية مع أخذ المحاذير اللازمة لقواعد وأخلاق المهنة.
وقدّمت بداية اللقاء بروفسور أبو بكر محاضرة قيّمة عن العمل الصحافي والأبعاد المهنية وتأثير تغطية الإعلاميّة للعنف على الصحة النفسيّة للمجتمع عامةً وللصحافي العربي خاصة.
وأوضحت بروفسور أبو بكر أسباب العنف في مجتمعنا مشيرة إلى الفراغ القيمي الموجود، لكن في ذات الوقت أكدت على أنّ الصحافة تنشأ واقعا، وعليه فإن أي تغطيّة غير حساسة مجتمعيًا لقضية العنف، قد تحاول أنّ تخلق واقعا مما يوسع دائرة العنف.
ومقابل ادعاء الصحافيين بأن سرعة نقل الأخبار وضرورة التعامل معها تسقط أي محاولات لإنتاج أخبار شاملة حساسة مجتمعيًا، أكدت بروفسور أبو بكر أنّ هذا الادعاء جاء ليخلي المسؤولية عن الصحافي علمًا أنّ المهنية تقضي أنّ يفكر مليًا في اسقاطات الخبر وتداعياته على المجتمع وخاصة على شريحة الشباب وعلى المناعة الذاتية لدى المجتمع.
وعددت أبو بكر عدد من الأمثلة التي أظهرت تعاملا غير مهني مع الأخبار موصية الصحافيين والإعلاميين الالتزام بنقل الواقع، لكن مع أخذ التدابير المهنية والموضوعية.
كما شددت على لغة الإعلام والاستعمالات اللغوية مشيرةً إلا أنّ الجمهور الصحافي قد يخلق واقعًا غير سليم من خلال استعمال لغة معينة دون الانتباه لذلك.
بدوره شدد الكاتب الصحافي وديع عواودة، على ضرورة بناء معايير خاصة للتعامل مع الجريمة، تمّيز بين العنف وبين الجريمة، تتنبه للمسؤولية الذاتية مقابل مسؤولية سلطات حماية الأمن والنظام العام، موضحًا أنّ غياب هذه المعايير قد يدفع لتزوير الواقع الراهن سواء بالتقليل من خطورة الظاهرة أو الإفراط في تناولها لـ حد الطغيان على بقية القضايا وبالتالي إلى تصوير مجتمعنا باللون الأسود عبر تغطية غير ناضجة ومتجزئة ومنقوصة تقتل الروح المعنوية وتبدد رأس المال المعنوي - الاجتماعي، الأمر الذي اتفق عليه من قبل الصحافيين المشاركين.
وبعد نقاش، تم التطرق إلى عددٍ من التوصيات، جاء في أهمها:
1 النشر عما يجري ولا يجري هو واجب مهني أساسي ينطبق أيضا على قضية تفشي الجريمة داخل البلدات العربية بتواطؤ الشرطة الإسرائيلية. ويتصدر واجب النشر عن جذور وظاهر العنف والجريمة بالعلاج والوقاية التغطية الصحفية لأن كنس الواقع البشع والخطير تحت السجادة لن يجعله أجمل.
2 الفصل بين العنف وبين الجريمة وبين عصابات الإجرام مع الإشارة الدائمة في كل تغطية للمسؤولية الذاتية المجتمعية مقابل مسؤولية الشرطة وسائر مؤسسات تطبيق القانون وحفظ النظام العام وهي حتى الآن وفق عدة دلالات لا تقوم بواجبها الدستوري.
3 يفترض بالتغطية الصحفية أن تكون واعية لما يجري وما يلزم بالمنظورين القريب والبعيد من هذه النواحي وأن ينعكس هذا الوعي بالتفاصيل وقبل ذلك بالتأطير والعناوين المناسبة في التغطيات الإعلامية بحيث ترسم صورة الواقع دون مبالغات محبطة أو تقزيم خطير له. وهنا يحظر تهميش قصص النجاح والمكاسب الفردية والجماعية المتراكمة في سجلاتنا وما أكثرها. عندئذ ابقى تغطيات العنف والجريمة بحجمها وبصورتها لا أن تكون هي واجهة كل شيء.
4 استحضار الإطار والسياق العامين المناسبين فالمجتمع العربي زاد عددا وتضاعف عشر مرات منذ نكبة 1948 حتى بلغ لـ مليون ونصف المليون نسمة. وهذا يشمل مقاربات عن نسبة الجريمة في الشارع العربي قبل العام 2000 ومقارنتها مع مجتمعات أخرى كالمجتمع الفلسطيني في الضفة الغربية وغيره.
5 واجب مهني وأخلاقي ووطني أن تساند الصحافة العربية مساعي القيادات العربية السياسية والأهلية لمكافحة الجريمة علاجا ووقاية وبالكشف عن مواطن وجذور ومظاهر الفساد والجريمة ومسائلة الشرطة وبقية سلطات حفظ النظام العام وتوجيه النقد لها حيال حالة الانفلات وانتشار السلاح والجريمة في الشارع العربي. في المقابل الانتباه لحاجة توجيه النقد للجبهة الداخلية بمختلف مكوناتها فالنقد الذاتي معول بناء لا هدم.
6 تحاشي استخدام مصطلحات السلطات المعنية دون غربلتها وتعديلها وعدم تبني بياناتها دون جرح وتعديل وتحرير. كذلك تحاشي مفردات ومصطلحات " اللطم والعويل وجلد الذات الجمعية وتحقيرها" فهذا لا يتجاوز فشة خلق ولا يوفر ذرة من الحلول بل يزيد الطين بلة ويضرب المناعة الذاتية المجتمعية الضرورية لمواصلة مكافحة الجريمة والعنف لاس يما أن تبعات هذه المعركة الكبيرة خطيرة وفي غاية الأهمية.