الأربعاء: 02/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

خبراء ومختصون يدعون إلى التخلي عن التسعير بالدولار وفك ارتباط الاقتصاديات العربية به

نشر بتاريخ: 24/03/2008 ( آخر تحديث: 24/03/2008 الساعة: 13:36 )
غزة- معا- نظمت وحدة الدراسات التجارية واستطلاعات الرأي بكلية مجتمع العلوم المهنية والتطبيقية بغزة ندوة علمية حول تدهور سعر الدولار وأثره على الاقتصاد الفلسطيني.

حضر الندوة كل من الأستاذ بسام الأغا رئيس قسم العلوم الإدارية والمالية، والخبير المالي والمصرفي الدكتور علي شاهين والدكتور معين رجب أستاذ الاقتصاد والمحاضر في جامعة الأزهر، وعدد من ممثلي البنوك والمؤسسات المصرفية والأكاديميين إضافة لرؤساء الأقسام الإدارية والأكاديمية والعشرات من الطلبة.

ورحب الأستاذ أسامة نوفل المحاضر في قسم العلوم الإدارية والمالية في الكلية في كلمة ترحيبية له بالحضور مشيرا إلى ان الهدف من هذه الندوة هو متابعة ودراسة ما يشهده السوق المحلي و العالمي من تدني غير مسبوق في سعر الدولار وماله من تبعات سلبية على الاقتصاد الفلسطيني والعالمي، مشيرا إلى أن الاقتصاد الفلسطيني يمر بأزمة خطيرة لم يسبق لها مثيل في ظل الحصار المفروض على قطاع غزة من قبل الاحتلال.

شبح "الإرهاب".. سبب

وخلال كلمته أوضح الأستاذ رجب ان الاقتصاد الأمريكي ومنذ سنوات عديدة يواجه مشاكل وعقبات أخذت في التصاعد عاما بعد آخر مضيفا بأن تفجيرات برجي التجارة العالمية في الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 كانت منعطفا حادا في توجه الإدارة الأمريكية نحو اتخاذ خطوات غير رشيدة على المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية موضحا ان شبح الإرهاب الذي نجح الإعلام في تصويره وفرضه على المجتمع الأمريكي في المقام الأول لعب دورا في هذا التدهور وأضاف أن هذا الإرهاب يمثل عدوا حقيقيا وليس عدوا وهميا أو افتراضيا حسبما روج الإعلام الأمريكي وبالتالي لا مناص من التضحية بالغالي والنفيس لمواجهته، ومن ثم حماية المجتمع الأمريكي والتي انعكست سلبا على الأداء الاقتصادي فيه.

ونوه الأستاذ رجب أن أسباب انتكاسات الدولار متعددة منها النفقات العسكرية الباهظة والتي لها دور كبير في اتجاه الاقتصاد الأمريكي نحو الضعف والتراجع ثم الانخفاض في القوة الشرائية أو القيمة الحقيقية للدولار بالإضافة إلى الانخفاض في سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل العملات الدولية وبالإضافة العجز الكبير في الميزان التجاري وكذلك العجز في الموازنة العامة وغيرها.

الاقتصاد الفلسطيني.. الدور.. والتأثير!!

واستعرض الأستاذ رجب تأثيرات انخفاض سعر الدولار على الاقتصاد الفلسطيني وتابع موضحا انه بموجب بروتوكول باريس فان فلسطين تستخدم ثلاث عملات رئيسة هي الدولار الأمريكي والدينار الأردني والشيقل الإسرائيلي, وقد ساهم هذا التعدد في العملات المستخدمة نحو إضفاء قدر من المرونة على عرض النقود وأسعار صرفه، مضيفا بأن هذه العملات باتت تستخدم بشكل واسع في المعاملات المختلفة سواء على المستوى الرسمي أو على مستوى الأفراد، مستدركا بان هذا الامر يأتي هذا في ظل عدم صدور النقد الوطني الفلسطيني حتى الآن الأمر الذي يمنع سلطة النقد الفلسطينية من مزاولة كثير من مهامها كبنك مركزي بالإضافة إلى انه يحرم الاقتصاد الفلسطيني من المزايا الناشئة عن إصدار النقد الوطني وقد ساهم ربط الدينار الأردني بالدولار الأمريكي إلى إضفاء قدر من المعاملات.

وشدد رجب على ان تأثيرات الدولار تتضاعف اكثر نظرا لأهمية الدولار في المعاملات الدولية فقد ظل استخدام الدولار الأمريكي والدينار الأردني يشكل النسبة الغالبة من المعاملات وخاصة فيما يتعلق بالمعاملات طويلة الأجل وفي معاملات الدين وفي الودائع لدى المصارف وشاع استخدام الشيكل الإسرائيلي في المعاملات اليومية للبيع والشراء وفي المعاملات ذات الصلة المباشرة بين فلسطين وإسرائيل كالتجارة الخارجية والمقاصة.

الدولار.. إلى أين!!

وفي سياق اخر أكد الدكتور شاهين بان عملة الدولار الأمريكي تعتبر إحدى العملات الرئيسية الدولية في العالم ومن أهم القنوات التي تنتقل بواسطتها الأزمات النقدية والمالية إلى بلدان العالم الأخرى خاصة دول العالم الثالث، مشيرا إلى ان ذلك أنعكس سلباً على الأوضاع الاقتصادية في هذه البلدان خاصة في عوائد صادراتها وتكلفة وارداتها والقيمة الحقيقية لاحتياطياتها النقدية مما أصبح يشكل معه استنزافاً لموارد هذه البلدان، مضيفا أن التراجع الخطير في قيمة الدولار قد أثر بشكل كبير على الاقتصاد الفلسطيني كأحد اقتصاديات الدول النامية، وادى ايضا الى انعكاسات سلبية على الاقتصاد الفلسطيني في انخفاض موارد النظام الائتماني نحو تمويل الفعاليات الاقتصادية ووقف الائتمان المقدم من البنوك خوفاً من تعرض هذه البنوك إلى تناقض في القوة الشرائية لمواردها وحدوث تقلبات حادة في أسعار السلع بمختلف أنواعها الإنتاجية واستهلاكية صاحبها ارتفاع حاد في أسعارها، بالإضافة إلى تآكل القوة الشرائية لموارد المجتمع والمواطنين حيث يشعر المواطن أن أمواله تحرق بيده و انخفاض عرض السلع وبالتالي انطلاق أسعارها في الارتفاع بشكل متواصل وعدم الاستقرار في قيمة العملات وحدوث اضطراب في أسواق الصرف والمضاربة في العملات.

وأضاف الدكتور شاهين بأن كل هذه العوامل تتداخل وتتشابك مع عوامل خارجية وداخلية أخرى تتعلق بالحصار المفروض على القطاع وتؤدي إلى تفاقم المشكلة وزيادة تعقيدها، منوها في ذات الوقت الى أن النظام النقدي الفلسطيني لا يملك الأدوات التي تمكنه من مواجهه المشكلة فجذور هذه المشكلة كامنة في الاقتصاد الأمريكي ويتم ترحيلها إلى الاقتصاديات الأوروبية وكذلك إلى دول العالم الثالث على حد تعبيره.

تاريخ الانهيار!!

من ناحيته استعرض الأستاذ سامي أبو شماله المحاضر في قسم العلوم الإدارية والمالية في الكلية نبذة تاريخية حول الاقتصاد الأمريكي ودوره موضحا أن الولايات المتحدة الأمريكية هي المحرك لاقتصاد العالم وبعد الحرب العالمية الثانية أصبحت أمريكا تقود التجارة العالمية حيث أن مشاركتها في التجارة العالمية وصلت إلى 40%.

وأضاف انه مع بداية عام 2004 باتت الولايات المتحدة تعاني من مشكلة التضخم وان هذه المشكلة دفعت الاحتياطي الفدرالي الأمريكي إلى اللجوء إلى رفع سعر الفائدة على الدولار الأمريكي ليصل إلى 5.25% في نهاية يونيو 2006 وخلال هذه الفترة نشطت سوق جديدة في الولايات المتحدة الأمريكية تعرف باسم سوق الرهن العقاري، مضيفا بأنه لاقى هذا السوق رواجا عاليا مما أدى إلى زيادة نسب الاقتراض وإنعاش حركة الأسهم والاقتصاد، مشير إلى انه مع ازدياد التضخم اضطر الفدرالي الأمريكي إلى رفع معدلات الفائدة بسرعة كبيرة لتصل شهر يونيو 2006 إلى 5.25% وهذا الرفع المتسارع أدى إلى زيادة تخلف المقترضين عن السداد مما سبب حالة من الإرباك في الاقتصاد الأمريكي أدت إلى إفلاس 50 شركة من شركات الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأمريكية، كما أدت إلى نقص سيولة الدولار الأمريكي من الأسواق مما دفع الأسهم الأمريكية إلى الانهيار في بداية الربع الأول من العام الحالي 2008، وتبعتها الأسهم الآسيوية والخليجية وبعض الأسهم الأوروبية.

نتائج وتوصيات

وفي ختام الندوة أوصى المشاركون بضرورة استغناء الدول العربية والمواطنين عن التسعير بالدولار وفك ارتباط عملتها بالدولار بالإضافة إلى تنويع العملات المستخدمة سواء بالنسبة للاحتياطيات النقدية المتوفرة لدى السلطة الوطنية أو فيما يتعلق بالودائع المصرفية وكذلك الأصول النقدية المتداولة في السوق بحيث أن يتم تخفيض الموجودات من الدولار والدينار وإدخال عملات أخرى أو زيادة المتداول منها كاليورو والين وغيرها من العملات غير المربوطة بالدولار، بالإضافة إلى التحول لشراء المعادن النفيسة كالذهب والبلاتين والفضة وغيرها مما يقلل من المخاطر الناشئة عن الاعتماد على عملة واحدة بشكل رئيس والتوجه نحو زيادة المخزون السلعي كاحتياطيات استراتيجية لتحقيق التوازن بين الطلب الكلي والعرض في العديد من السلع المهمة وفي طليعتها المواد الغذائية وأهمها الحبوب ثم الوقود ومشتقاته ثم مواد البناء وغيرها. وجرى بعد ذلك فتح باب النقاش امام المشاركين والإجابة عن أسئلة الحضور.